أطلق الباحث السعودي سلطان بن فارس الفقير خلال الشهور القليلة الماضية أول مشروع إلكتروني من نوعه لأطفال التوحّد، ويوفر البرنامج الذي اشتغل عليه الباحث لأكثر من عام بيئة إلكترونية متكاملة تساعد الأطفال المصابين بإعاقة التوحّد على التعلّم والاندماج تدريجياً مع الأطفال الطبيعيين.
وقال سلطان الفقير صاحب الابتكار في حوار مع (الإسلام اليوم) إن ما دفعه للعمل في هذا المشروع هو قلة البرامج المماثلة التي تستهدف فئة أطفال التوحّد، و أشار إلى أن التدخل المبكر يعود بمنافع كبيرة لهؤلاء الأطفال.
ولفت “الفقير” في سياق الحوار إلى أهمية تعليم طفل التوحّد بالآليات المتناسبة مع حالته الصحية، وأكد أن برنامج (فهيم) الذي ابتكره يجعل من التعليم عملية ممتعة لأطفال التوحّد، إلى جانب أنه يعمل على قياس مدى استفادة طفل التوحّد من البرامج، إضافة إلى أن البرنامج يعمل كذلك على نشر الوعي وسط المجتمع بإعاقة التوحّد.
بداية كيف تُعرّف مشروع “فهيم” الذي اشتغلتم عليه لفترة طويلة من الزمن؟
“فهيم” عبارة عن مشروع أكاديمي خيري لعمل بوابة إلكترونية لتعليم الأطفال الذين يعانون من التوحّد ولتقديم المساعدة لذويهم وتسهيل عمل المراكز والجمعيات المختصة بالتوحّد؛ إذ يشتمل على نظام إلكتروني على شبكة الإنترنت لتقييم الأطفال التوحّديين وتعليمهم المهارات الأساسية التي تهيئهم للاندماج مع الأطفال الطبيعيين، بالإضافة إلى بوابة إلكترونية تُعنى بقضية التوحّد وتتوفر بها خدمات إلكترونية عالية الجودة، ويُعدّ الأول من نوعه في العالم العربي، ويحظى بدعم كبير من جميع المراكز والجمعيات الخاصة برعاية الأطفال التوحّديين.
وماذا يميز مشروع “فهيم” عن غيره من البرامج المماثلة؟
من أبرز مميزات المشروع أنه مبنيّ على أحدث التقنيات المستخدمة في التعليم التفاعلي، ويستخدم أكثر الوسائل المحببة للأطفال في تلقيهم للمعلومات وتفاعلهم مع النظام، كما أنّ الطفل يستطيع أن يعمل عليه في المركز أو المنزل أو أي مكان في العالم وفي أي وقت شاء. بالإضافة إلى أنه قابل لتعديل المحتوى وبشكل كامل ليناسب حالة وطبيعة أي طفل.
كما يتميز بعدة مزايا أخرى منها: تحديد مستوى الأداء الحالي للطفل، وتحديد المستوى النمائي للطفل على مختلف المهارات، وتحديد مدى قابلية الطفل لتعلّم مهارات جديدة، وتحديد نسبة ذكاء الطفل، وتحديد الأهداف ووضع خطة تعليمية للطفل تعتمد على تطوّره النمائي، والتي تتغير مع تقدم الطفل، واستخدام نظام الـ Board maker)) للتواصل مع الأطفال بالإضافة للتواصل اللفظي من خلال الشخصية الكرتونية.
وما الذي يمكن أن يضيفه هذا المشروع للطفل التدي؟
يضيف المشروع للطفل التوحّدي بيئة تعليمية إلكترونية متكاملة والتي تتفاعل مع الطفل بعدة طرق وبأكثر الوسائل المحببة لديه، فهي تشتمل على مرحلة التقييم والتعليم والمراجعة، وتتخللها مرحلة التعزيز.
ويهدف المشروع إلى نشر الوعي في المجتمع بإعاقة التوحّد، مما يساهم في الاكتشاف والتدخل المبكر، كما يهدف إلى تعليم الأطفال التوحّديين المهارات الأساسية التي تكفل لهم سهولة الاندماج مع المجتمع، ومساعدة أسر الأطفال التوحّديين وتخفيف معاناتهم، وتسهيل عمل المراكز الخاصة بالتوحّد بإيجاد وسائل تعليمية أكثر فعالية ودقة لتعليم هؤلاء الأطفال، والموقع مجاني للأطفال التوحّديين مما يسهل عملية تعليم الأطفال الذين لا يستطيع ذووهم تحمُّل تكاليف مراكز التوحّد الباهظة.
والفئة المستهدفة من المشروع بالدرجة الأولى هم الأطفال التوحّديون، ومعلمو الأطفال التوحّديين، والاختصاصيون المشرفون على حالات التوحّد، وأولياء أمور هؤلاء الأطفال من آباء وأمهات، والمجتمع بشكل عام.
ما طبيعة الخدمات التي يشتمل عليها المشروع؟ يشتمل المشروع على بوابة إلكترونية تحتوي على عدد كبير من الخدمات الإلكترونية والتي من أهمها النظام التعليمي، فمن خدمات البوابة الإلكترونية: منتديات الاستشارات للذين لديهم أطفال توحّديون في أسرتهم، وخدمة عقد الاجتماعات المتخصصة عن بعد إلكترونياً والتي يوضح فيها جدول الأعمال، والأهداف، والمهام، والقرارات، ولوحة النقاش العامة، وتوفر مكتبة كبيرة من الصور والنماذج والمستندات والمعلومات الخاصة بالتوحد تُعدّ حلقة الوصل بين المجتمع وقضية التوحد بتوفيرها خدمات خاصة عن الأخبار، والعناوين الهامة، والفعاليات، واستطلاعات الرأي. . . الخ
أما النظام التعليمي فيقدم حلولاً متكاملة لتقييم واختبار وتعليم وتحفيز وعمل المراجعة للأطفال التوحّديين، كما يقوم بعرض تقارير تفصيلية توضح العمر العقلي للطفل في كل مجال والعمر المتوسط، ومدى قابلية الطفل لتعلم مهارات جديدة، ويتميز بإمكانية التعديل على جميع المواد المستخدمة من صور وأصوات لكي تناسب الفروقات الفردية بين الأطفال التوحّديين، ويوفر أيضاً خدمة التواصل السريع مع أولياء أمور الأطفال عن طريق رسائل الجوال والبريد الإلكتروني.
ولماذا اخترتم اسم “فهيم” للمشروع؟
يدل اسم “فهيم” باللغة العربية على الشخص الذي يحل الألغاز، ومن هنا أحببت أن أطلق هذا الاسم على الشخصية الكرتونية بالمشروع، والتي أتمنى أن تساعد على حل لغز التوحد المحير.
من أين جاءت فكرة هذا المشروع؟
منذ أكثر من عامين كنت أتمنى أن يكون مشروعي عبارة عن مدرسة إلكترونية على شبكة الإنترنت، ولكن عند البحث عن فكرة المشروع وجدت أن المدرسة الإلكترونية فكرة مستهلكة، وهذا يتعارض مع شروطي لفكرة المشروع، والتي من أولها أن تكون فكرة المشروع مميزة ولم يسبق لها مثيل، فبعد عدة مناقشات وعقد جلسات (Brain storming) تم اختيار هذه الفكرة والتي قادتنا إلى كثير من التحديات والمصاعب، كان من أبرزها مسألة جمع المعلومات الأولية؛ فقد كانت معلوماتي عن التوحد لا تتجاوز خمسة أحرف “توحّد”، ولكن هذا التحدي كان مقروناً بالحماس والمثابرة، وبعد مدة معقولة تكوّنت لديّ قاعدة معلومات ممتازة عن التوحّد والأطفال التوحّديين.
كما كان هناك تحدٍ فاجأني، وهو أن الأطفال التوحّديين بينهم فروقات فردية، ولا يمكن أن تصنفهم في مجموعات متساوية، وتلك الفروقات تكون في عدة مجالات، منها: طرق تعليمهم ووسائل التواصل معهم، حتى إن بعضهم قال لي: من المستحيل أن تعدّ نظاماً تعليمياً لهؤلاء الأطفال.