أخبار عاجلة

معلم الموهوبين ( خصائصه وتأهيله )

يتفق كثير من المربين والباحثين على أن المعلم هو المفتاح الرئيس لنجاح العملية التربوية في أي برنامج تربوي سواء أكان لأطفال عاديين أم معاقين أم موهوبين. إن المعلم هو الذي بإمكانه أن يهيئ الفرص التي تقوي ثقة المتعلم بنفسه أو تدمرها, تقوي روح الإبداع أو تقتلها, تثير التفكير الناقد أو تحبطه. وهو الذي يفتح المجال للتحصيل أو الإنجاز أو يغلقه. لقد كان السؤال حول أهمية المعلم مثار اهتمام ودراسة دائما. وفي مجال تعليم الموهوبين والمتفوقين أظهرت دراسة مسحية رائدة أن المعلم يحتل المركز الأول من حيث أهميته في نجاح البرامج التربوية لهؤلاء الطلبة بين خمسة عشر عاملاً أساسياً ذكرت من قبل خبراء عاملين في مجال تعليم الموهوبين والمتفوقين. وجاءت المناهج في المرتبة الثانية والموارد المالية في المرتبة العاشرة.

والحقيقة أنه ليس هناك خلاف على أن المعلمين عموما يريدون لطلبتهم التقدم والنجاح, وكثيرون منهم يعتبرون مهمة تطوير قدرة كل طالب أو طالبة على التفكير هدفاً تربوياً يضعونه في مقدمة أولوياتهم, وعند صياغة أهدافهم التعليمية تجدهم يعبرون عن آمالهم وتوقعاتهم في تنمية استعدادات طلبتهم كي يصبحوا قادرين على التعامل بفاعلية مع المشكلات الحياتية المعقدة التي تواجههم في حاضرهم والتي يتوقع أن يواجهوها في مستقبلهم. ولكن الفرق بين ما نسعى إلى تحقيقه في تعليمنا وبين النتاجات الفعلية لهذا التعليم كما تعكسها خبرات طلبتنا في مختلف المراحل الدراسية كبير للغاية. وتشير البيانات والوقائع أننا نخرج أعداداً هائلة من الطلبة الذين تتجلى خبراتهم بصورة أساسية في اختزان المعلومات واسترجاعها, ويفتقرون بشكل صارخ للقدرة على استخدام تلك المعلومات في التوصل إلى اختيارات أو قرارات مستنيرة في حل المشكلات غير الروتينية.

إن الفحص الدقيق لهذه الظاهرة لا بد أن يتصدى للإجابة عن التساؤلات المرتبطة بالمعلم كأحد مقومات النجاح المهمة لأي برنامج تربوي ولا سيما برامج تعليم الموهوبين والمتفوقين. هذه الأسئلة تتركز على السمات الشخصية والاجتماعية والمهنية التي تميز المعلم الناجح للأطفال الموهوبين والمتفوقين، أنماط من السلوكيات الصفية التي يجب توافرها ليكون المعلم فاعلاً، هل يكون دوره متمايزاً عن دور معلم الطلبة العاديين من حيث استعداده العقلي وقدراته الإبداعية؟ وهل يجب أن يكون معلم الموهوبين موهوباً مثلهم؟

إن المتتبع لما كتب حول موضوع المعلم في برامج تعليم الموهوبين والمتفوقين يجد نفسه حائراً أمام عشرات القوائم من السمات السلوكية والخصائص المرغوبة في المعلم الناجح. وربما يخرج المرء لأول وهلة بانطباع مفاده أن أحداً من بني البشر لا تتوافر فيه تلك السمات التي توصل إليها كثير من الباحثين والكتاب.

وقد لخص عدد من الباحثين معوقات النجاح في تعليم الموهوبين والمتفوقين فيما يلي: السلطوية, النزعة للدفاع, عدم الحساسية لحاجات الطلبة العاطفية والعقلية, الافتقار للطاقة, هيمنة عامل الوقت, هيمنة التوجه نحو مهمة إعطاء المعلومات, عدم الاهتمام بتعزيز المبادرة والاعتماد على النفس لدى الطلبة, هيمنة قضايا الضبط والربط, عدم الرغبة في إعطاء كثير من الجهد في الموقف التعليمي .

ومن أجل تحديد خصائص المعلم الناجح, فإن الطلبة يمثلون أحد المصادر الرئيسة للحصول على المعلومات حول أداء المعلم وفاعليته في التدريس. وقد اعتمدت دراسات كثيرة على هذه المنهجية في تحديد السمات المرغوبة للمعلمين الناجحين في المدارس العادية وفي برامج تعليم الموهوبين والمتفوقين.

وقد ركزت معظم الدراسات على توضيح الخصائص الشخصية للمعلم الناجح بالإضافة إلى الخصائص التعليمية، والخصائص العامة المشتركة التي تتمثل في الذكاء المرتفع, الخبرة في مجال التخصص, الشجاعة الأدبية, الشعور بالأمن الشخصي, الانفتاح والمرونة, التنظيم والإعداد المسبق, التأهيل والتدريب, المعرفة بمشكلات الموهوبين وأساليب إرشادهم, مهارات الاتصال والدبلوماسية, والحزم وعدم التمركز حول الذات.

وقد وضع العلماء المسلمون منذ عصور طويلة قوائم بالعناصر والمبادئ التربوية التي يجب أن يراعيها المعلم ويلتزم بها قبل ممارسته مهنة التعليم, نورد منها نموذجاً اقترحه أبو عبد الله الحموي الشافعي في كتابه “تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم”.

1·  أن لا يتصدى لمهنة التعليم دون اكتمال أهليته وحصوله على إجازة العلماء له بممارسة المهنة.

2·  أن يكون أسوة (قدوة) حسنة للمتعلمين عنده بأفعاله المصدقة لأقواله.

3· أن يتسامح مع المتعلمين إذا وقعوا في الخطأ ويعذرهم على هفواتهم. وإذا أراد مؤاخذتهم على ذنب اقترفوه فليكن ذلك تلميحاً, فإن لم يجد ذلك انتقل إلى التصريح, فإن لم يجد ذلك أيضاً انتقل إلى التوبيخ.

4· أن يرحب بمن حضر من المتعلمين, ويسأل عن المتغيبين, وأن يعود المريض منهم, ويساعد محتاجهم على قضاء حاجته إن استطاع.

5·  أن لا يتحرج من قول “لا أدري” إذا كان لا يعرف ما سئل عنه, أو أن يقول “الله أعلم”.

6· أن تكون مخاطبته للمتعلمين بمستوى أفهامهم, وأن يساعد على الفهم بتقديم الشواهد والأمثال, ولا بأس من التوسل بالنكت اللفظية والألفاظ الطريفة لتقريب الموضوع إلى أذهانهم.

7·  أن يختار للمتعلمين الكتب التي هي بمستوى عقولهم, وأن لا يكثر عليهم المواد التي يطلب إليهم حفظها وإتقانها.

8· أن لا يشتغل بالتعليم إذا كان منزعج النفس أو كان في حالة من الملل أو الجوع أو المرض أو الغضب أو النعاس لأن ذلك مضر به وبالمتعلمين في آن واحد.

9·  أن يحافظ على الشعائر الدينية ويتحلى بمكارم الأخلاق.

10·  أن يحافظ على نظافة ثيابه ويتجنب الروائح الكريهة.

11·  أن يشتغل بالتعليم من أجل إصلاح الناشئة وليس طمعاً في المال.

12·  أن يترفع عن ممارسة الحرف والمهن الوضيعة إلى جانب اشتغاله بالتعليم.

* المصدر

– الموهبة والتفوق والإبداع،د. فتحي جروان، رئيس المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين.

عن admin

شاهد أيضاً

برنامج ترفيهي في جمعية المعاقين بالأحساء

تحت رعاية امير المدينة المنورة ندوة “إضاءات في التعامل مع ذوي الإعاقة”

اعاقتي – سالي : تحت رعاية امير المدينة المنورة ندوة “إضاءات في التعامل مع ذوي …

اترك تعليقاً