يلاحظ المتابع لتطور حركة تعليم الأطفال الموهوبين والمتفوقين منذ بداية العقد الثالث من القرن العشرين أن موضوع الخصائص السلوكية للأطفال الموهوبين والمتفوقين عقليا كان ولا يزال على رأس قائمة الموضوعات التي تحظى باهتمام كبير في مراجع علم نفس الموهبة. وقد تركزت دراسات الرواد وكتاباتهم في مجال الكشف عن هؤلاء الأطفال ورعايتهم على تجميع الخصائص السلوكية والحاجات المرتبطة بها لدراستها وفهمها.
– وهناك من أورد قوائم من الخصائص السلوكية التي تعتبر مؤشرات على الموهبة في سن ما قبل المدرسة, تتضمن مجموعة من الخصائص والسلوكات الدالة عليها، ومن أبرز هذه الخصائص:
1- الاكتساب المبكر للغة: ومن السلوكات الدالة عليها: يستخدم كلمات كثيرة, يركب جمل طويلة ومعقدة, يتكلم مبكراً وكثيراً. مع ملاحظة أن الأطفال الموهوبين والمتفوقين يبدأون الكلام في سن متأخرة, ولكن ما أن يتكلموا حتى يظهروا قدرة متميزة في اللغة.
2- المهارات الحركية: ومن السلوكات الدالة عليها: يمشي ويتسلق ويركض بصورة متوازنة في سن مبكرة, يستطيع التحكم بسهولة بأدوات صغيرة كالمقصات والأقلام ويستطيع نسخ الكلمات والصور ويتعامل مع الأدوات جيداً.
3- الخصائص العقلية: ومن السلوكات الدالة عليها: يقرأ الإشارات وحتى الكتب, يحل مسائل رياضية, يستخلص علاقات بين أفكار متباعدة, يتذكر الأحداث والحقائق, يهتم بالقضايا الاجتماعية والأخلاقية, لديه قدرة على الانتباه لفترة طويلة, يسأل لماذا.
4- الخصائص الاجتماعية: ومن السلوكات الدالة عليها: يشفق على الآخرين ويتعاطف معهم, واثق بنفسه ومستقل, ينظم ويقود نشاطات الجماعة, يبني علاقات جيدة مع الأطفال الأكبر سناً والراشدين, يحترم ويقدر أفكار الرفاق والمعلمين وآرائهم, يعترف بحقوق الآخرين, لا يحب تدخل الآخرين في شؤونه الخاصة.
5- الخصائص الإبداعية: ومن السلوكات الدالة عليها: يتمتع بخيال قوي, يستمتع باللعب بالكلمات والأفكار, يظهر مستوى متطوراً من الحس بالدعابة اللفظية, يستخدم الأدوات والألعاب والألوان بطرق تخيلية, يعزف على آلة موسيقية.
6- الخصائص الخاصة: ومن السلوكات الدالة عليها: يمارس ألعاب رياضية بشكل جيد, يغني, يجمع طوابع أو عملات أو بطاقات, غالباً ما يظهر قدرة متميزة في مجال ما.
– ويعد التعرف على خصائص الموهوبين والمتفوقين في غاية الأهمية, حيث يجمع الباحثون والمربون في مجال تعليم الأطفال الموهوبين والمتفوقين على ضرورة استخدام قوائم الخصائص السلوكية كأحد محكات عملية التعرف أو الكشف عن هؤلاء الأطفال واختيارهم للبرامج التربوية الخاصة. كما أن هناك علاقة قوية بين الخصائص السلوكية والحاجات المرتبة عليها وبين نوع البرامج التربوية والإرشادية الملائمة. ذلك أن الوضع الأمثل لخدمة الموهوب والمتفوق هو ذلك الذي يوفر مطابقة بين عناصر القوة والضعف لديه وبين مكونات البرنامج التربوي المقدم له, أو الذي يأخذ بعين الاعتبار حاجات هذا الموهوب والمتفوق في المجالات المختلفة.
– إنّ أهمية تعرُّف الطالب إلى الخصائص السلوكية التي يتميز بها الموهوبون تسهم في اكتشاف الذات وتحديد مجالات الاهتمام، والتخفيف من المشكلات والمعاناة التي قد يواجهها الموهوب جراء عدم تفهُّم الآخرين له، والتخفيف من حدة التأثر بسخرية الأقران.
– وإنّ وعي الأسرة ومعرفتها بخصائص طفلها الموهوب يُسهم في تطوير قدراتها على ملاحظة هذه الخصائص والتعامل معها بإيجابية، ورصدها بهدف تنميتها وتطويرها، وتجنّب الممارسات الخاطئة التي قد تعيق تألُّقها، وتعزيز خصائص الموهبة لدى الطفل من خلال توفير المصادر، وإثراء البيئة المحيطة الداعمة لمجالات التميُّز لديه، والعمل على توجيهه إلى النشاطات الملائمة، وترشيح الطفل للبرامج التعليمية الخاصة بالموهوبين، والتعاون مع المؤسسة التعليمية في تربية الطفل وتنشئته وتوجيه طاقاته. – أما بالنسبة للتربويين، فإن تطوير الوعي بالخصائص السلوكية للطلبة الموهوبين ومراعاتها في أثناء عملية التعلّم والتعليم يسهم في المساعدة في التعرف إلى الطلبة الموهوبين والكشف عنهم، واختيار البرامج التربوية والإرشادية الملائمة لهم، وتقديم خدمات تربوية ملائمة داخل الصف العادي تلبيّ حاجات الطلبة الموهوبين. وإن توعية المجتمع بخصائص الطلبة الموهوبين يساعد على فهم أفضل لطبيعة هذه الفئة، ودعم تنشئتها. *المصدر – الموهبة والتفوق والإبداع، د. فتحي جروان .
– موقع المنار للتربية الخاصة