أفياء – في الوقت الذي تتضافر فيه جهود الكثير من المؤسسات لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن هناك فئة غائبة «نوعاً ما « عن أعين المسؤولين. إنها فئة الأصحاء ذهنياً ، بينما شاء الله ان يولدوا بإعاقة جسدية، فلم تشفع لهم عقولهم السليمة لادراجهم ضمن دائرة الدمج بين أقرانهم الأصحاء 100 بالمائة، ومن هنا تبرز معاناة أهالي تلك الفئة الحائرة الذين طالبوا مرارا برصد معاناتهم بإيجاد الحلول لصالح أبنائهم وبناتهم، مؤكدين ان تلك العقبات التي تعترض طريقم ليست كل شيء، وانما عدم وعي المجتمع بهذه الفئة هو السبب الرئيس في عدم تجاوز هذه المحنة .. «اليوم» ترصد معاناة أهالي هذه الفئة وتطرح مطالباتهم وفي مقدمتها تفعيل دور الدمج بين هاتين الفئتين.
فئة الأصحاء ذهنيا غائبة عن أعين المسؤولين (اليوم)
في البداية تؤكد «أ م مشاري» ان المعاناة أكبر من حصرها في موضوع واحد وتقول : أنا أم لطفل يعاني ضمورا بالمخيخ يسبب له عدم اتزان في الحركة وصعوبة في المشي، ولان إعاقته لا تندرج تحت مسمى الإعاقات المعروفة التي تلقى علاجا بالمراكز وجمعية الأمير سلطان لرعاية المعاقين فانه من هذه الناحية متأذٍ وتسبب الوضع في تردي حالته النفسية والصحية أيضا فلا أحد يتخيل شعور الطفل الذي يعامل بالمجتمع على انه شاذ وغريب ولا يعطى حقه من الاهتمام والرعاية الواجبة تحت شعار الاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بينما الحقيقة العكس تماما، فهناك تقصير كبير خاصة في بعض المراكز الطبية وحتى المدارس رغم وجود قرار الدمج الذي يفترض وضعه لصالح الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ولدمجهم بالمجتمع مع أمثالهم من الأطفال تجدهم يعتذرون ولا يقبلون ضم طفلك لا بمركز تأهيلي ولا مدرسة بسبب عدم جاهزية المركز من حيث توافر العلاج المناسب لجميع الحالات كانت كبيرة أم صغيرة وأيضا لعدم وجود كادر طبي متخصص وأخصائيين في نوع الحالة المرضية للطفل المصاب. أما من الناحية التعليمية فنجد المدارس رغم قرار الدمج ترفض قبول الطفل لعدم جاهزية المدرسة لوجود طفل معاق فيها حتى بالمراكز الترفيهية وتجد عدم وجود وعي بوضع الطفل وتقبله ، حيث يمنع المسئول عن الألعاب الطفل من الترفيه عن نفسه واللعب مع أقرانه بسبب خوفه من تعرضه لمشكلة، وتضيف : أرسلت العديد من الملفات لعدة جهات أشرح فيها حالة ابني المرضية وعدم وجود علاج له بالداخل وان كثيرا من الأطباء نصحوني بالسفر لعلاجه بالخارج ومازلت أنتظر الرد على الموضوع والافراج عن ملف حالة ابني من بين الرفوف.
أما «أم خالد» فتؤكد ان الأب قد يشعر بنفس الإحساس لكن بدرجة أقل لأنه لا يحتك بالأطفال إلا بشكل بسيط من حيث الرعاية والتربية خاصة برحلة الطفولة وعلاقته بالطفل الصغير في المجتمعات العربية، عموما تبدأ في مرحلة متأخرة أي بعدما يكبر الطفل وهو ما يزيد الأمر سوءا بالنسبة للأم فهي تشعر بهذه المعاناة وحدها مع الطفل وتواجه مسؤولية رعايته وتوفير ما يلزمه من علاج نفسي وجسدي، وتشير الى انه رغم وجود مراكز تهتم بالطفل المعاق إلا أن هناك إهمالا تاما لهذه الفئة في مجتمعنا أو عدم تقبله من الناحية النفسية والنظر إليه على انه حالة شاذة، فمثلا نحن بحاجة إلى برامج عملية ومراكز للرعاية متعددة وليس مركزا واحدا بشرط تأهيلها لجميع حالات الإعاقة سواء من ذوي الاعاقات الجسدية فقط أو الفكرية والجسدية معا وتكون في مناطق متفرقة من أجل شموليتها والاهتمام بها. فالمعاقون لديهم الحق في التربية والتعليم والصحة كغيرهم من الأطفال.
قد لا يتخيل أحد شعور الطفل الذي يعامل بالمجتمع على انه شاذ وغريب ولا ينال حقه من الاهتمام والرعاية الواجبة رغم شعارات الاهتمام بالأطفال المعاقين، بينما الواقع على العكس تماما، فهناك تقصير كبير خاصة في بعض المراكز الطبية وحتى المدارس رغم وجود قرار الدمج الذي يفترض وضعه لصالح الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
أما «هدى . ف» فتوضح ان الاهتمام بالمعاقين للأسف قليل جدا رغم أنهم قد يكونون قادرين على العطاء بشكل أقوى من غيرهم ومعاملة الأهل تشعرهم بالنقص والضعف، وللأسف في مجتمعنا يظن البعض أن المعاق شخص لا يحس ولا يفهم ، بينما العكس هو الصحيح. فالطفل المعاق سواء جسديا أو ذهنيا يشعر بمن حوله ويفهم انطباعهم النفسي عنه ونفسية من حوله حيث يتطور ويكبر خاصة المعاقين جسديا فهم أسوياء فكريا مثل المصابين بالعرج، فأصابتهم هذه لا تعني أنهم معاقون في التفكير ولا يمكنهم الشعور بالحب أو الاهتمام ممن حولهم سواء من الأسرة أو المجتمع،
وتقول «أم عبد الكريم» : أنا أم متعلمة وعندما رزقني الله طفلا معاقا بادرت إلى الاهتمام به منذ البداية لانني أعلم بأن الاهتمام بالطفل ومشاعره وتثقيفه من البداية يمثل طورا من أطوار العلاج النفسي والجسدي له، وقد صُدمت بالواقع المرير في مجتمعنا. فالمركز الوحيد المهتم بمثل حالات ابني ويعنى بالمعاقين في المنطقة الشرقية هو «جمعية الأمير سلطان للمعاقين» واتجهت إليها لاخضاعه لأربع جلسات علاج طبيعي وعلاج وظيفي أسبوعيا وأحياناً تُختصر إلى جلسة واحدة حسب ظروف الجمعية، وتتراوح مدتها نصف ساعة، لكن المؤلم أن الطفل المعاق لا يتحمل مدة العلاج وتخيل تعبك أنت نفسيا وأنت ترى وضع ابنك برفض العلاج وأنت قادم من مسافة بعيدة لعدم وجود مركز آخر مؤهل، وتضيف قائلة : أرشدني البعض إلى حل مناسب ومكلف في نفس الوقت، إلا أنني جربته وهو استدعاء أحد المتخصصين إلى المنزل يومياً من أجل جلسات العلاج لطفلي لمدة ساعة واحدة بقيمة 100 ريال بتكلفة 3 آلاف ريال شهريا، ورغم أن هذا الحل أفاد ابني إلا أنه أرهقنا ماديا. فالمشكلة الحقيقية تكمن في توافر مركز متخصص يلتحق به ابني لتدريب قدراته الإدراكية، لان المركز المؤهل ـ وهو جمعية الأمير سلطان للمعاقين ـ رفض ابني في البرنامج لصغر سنه.
وتذكر «أم عبد الكريم « أنها أم متعلمة وعندما رزقها الله طفلا معاقا بادرت إلى الاهتمام به منذ البداية لعلمها أن الاهتمام بالطفل ومشاعره وتثقيفه من البداية بمثابة علاج نفسي وجسدي له، لكنها صُدمت بالواقع المرير عندما اكتشفت ان المركز الوحيد المهتم بمثل حالات ابنها والمعاقين في المنطقة الشرقية هو «جمعية الأمير سلطان للمعاقين» واتجهت إليها لأخذ جلسات لابنها تتضمن جلستي علاج طبيعي ومثلهما علاج وظيفي في الأسبوع، لكنها تُختصر إلى جلسة واحدة حسب ظروف الجمعية، وتبلغ مدة جلسة العلاج نصف ساعة، والمؤلم أن الطفل المعاق لا يتحملها وهو ما يضاعف معاناتها النفسية عندما تشاهد ابنها يرفض العلاج وهى قادمة من مسافة بعيدة، وتضيف ان بعض الأشخاص أرشدوها إلى حل مع أنه مكلف، إلا أنها جربته وهو استدعاء أحد المتخصصين في هذا المجال إلى المنزل يومياً من أجل إعطاء جلسات العلاج لطفلها لمدة ساعة واحدة بقيمة 100 ريال، ورغم أن هذا الحل أفاد ابنها إلا أنه أرهقها ماديا.
رؤى قاصرة على الشفقة وإقصاء عن العالم الخارجي
تؤكّد مديرة قسم التوعية الصحية بمستشفى الملك خالد التخصصي الدكتورة رغدة سعيد رباح أن نظرة المجتمع لذوي الفئات الخاصة لا تزال سلبية رغم تطور المؤسسات التربوية والتعليمية بهذا المجال وتوجه الدولة وبعض الجمعيات المعنية بدعم تلك الفئة بإمكانات عديدة إلا أن الرؤى لازالت قاصرة على الشفقة والرحمة أو إقصائهم عن العالم الخارجي تماما بسبب الخجل أو زيادة الحماية أو لقناعة أنهم ليسوا قادرين على أن الاندماج بالمجتمع كأعضاء فاعلين ، وهذا هو التحدي الأكثر صعوبة الذي تواجهه تلك الفئة من المجتمع والذي يسهم بدوره في امتهان مشاعرهم وانتقاص كرامتهم كأفراد لهم حق العيش الكريم اضافة لأنها تعزز من الاتكالية والشعور بالنقص والإحباط المعنوي والوجداني والاجتماعي وتحول دون تمكينهم من التكيف في القيام بأدوارهم الاجتماعية وانخفاض منسوب الشعور بالانتماء والارتباط بالمجتمع جل تلك العوامل تؤدي للشعور بالفشل و الانسحابية والانعزالية و العدوانية وعدم ظهور المشاعر المتزنة في العديد من المواقف التي تشعرهم بالامتهان وانتقاص الكرامة والاحتقار وفقدان دوافع العيش والعمل وإطفاء جذوة الطموح. وتشير إلى أن مسؤولية تبني حقوق تلك الفئة لا تقع على عاتق جهة معينة دون أخرى إنما هي مسؤولية مشتركة فعلى كل القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمعات المدنية والأسرة أن تهيئ البنية التحتية في سبيل إعداد المجتمع لتقبل الدمج وتذليل الصعوبات التي تسهل عملية تكيفهم من خلال إلزام المجمعات التجارية والمؤسسات الصحية والطرق بمواصفات تسهل عملية الحركة لتلك الفئة كما أنوّه على ضرورة تفعيل قوانين وأنظمة تشريعية تؤكد حقوقهم في التمتع بحياة كريمة وعادلة وذلك بتوفير المؤسسات التعليمية والمعاهد المهنية التي تكسبهم المعرفة والمهارة تنسجم مع قدراتهم وميولهم ليصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع أسوة بالمجتمعات الغربية كما لابد من تشريع قوانين إلزامية تفرض نسبة معينة على مؤسسات العمل لتوظيف تلك الفئة وإدراج تخفيض للرسوم الخاصة بالخدمات الأساسية والسفر والمواصلات وختاما الدولة ومؤسسات المجتمع المدني المعنية مسؤولة عن كل ما يلزم بتوفير وتقديم الخدمات الأساسية لبناء تلك الفئة بناء متكاملا يحقق العدالة البشرية والتكافل الاجتماعي والكرامة والأخوة .
المعاقون يملكون قدرات ومهارات متنوعة
إحباط واكتئـاب وشعـور بالذنــب
تشير “أم سالم ” الى تحمّل الام العبء الأكبر في تربية الطفل المعاق، لكونها أماً في المقام الأول ولأنها يتكوّن لديها شعور باطني بأنها لم تستطع أن تمنح هذا الطفل الذي حملته بين أحشائها حياة طبيعية وهذا الشعور يسبب لها إحساساً بالذنب لا يفارقها، وأغلب الأمهات يشعرن بنفس الشعور، ورغم تحذير الأطباء المختصين لهن بالتخلص من الشعور بالذنب لأنه كثيراً ما يتسبب في نشوء علاقة مضطربة وغير طبيعية بين الأم وطفلها، تنعكس بشكل سلبي على نمو الطفل المعاق وتجاوبه مع العلاج وقدرته على الاندماج في المجتمع، بالرغم من مظاهر الرعاية التي تبذلها الأم على المستوى العملي، إلا أنها تبقى غير كافية أو مجدية، إذا لم تتخلص من ذلك الشعور النفسي الذي يختلج في أحشائها أنها السبب الأول في إنجاب طفل معاق ومتخلف عن بقية اقرانه من الأطفال الاصحاء وتبعاً لذلك أكدت دراسات وجود حالات عديدة لأطفال خضعوا لعلاج منتظم وتلقوا رعاية خاصة إلا أنهم لم يتحسنوا مع العلاج بسبب عدم استيعاب الأم انها تتعامل مع طفل معاق، وليس ذاك الطفل المثالي الذي كانت تحلم به، فوجود تلك الهوة النفسية بين الطفل المثالي الموجود في خيال الأم وطفلها المعاق، يضاعف معاناة الطفل.
ولذا أصبحت المراكز والاطباء النفسيون يضعون الأسرة بالكامل تحت طور العلاج النفسي ويبدأون الاهتمام والعناية بهم في كل مراحل العلاج وليس فقط بالطفل المعاق كحالة فردية، لمساعدة الأم بالتحديد على تجاوز حالة الاكتئاب والإحباط التي تعاني منها نتيجة شعورها بالذنب.
20 ألف ريال رسوم التأهيل «الخاص» سنوياً
تؤكد «ف . ب « أن معاناتها لم تكن في تقبل ابنها المعاق حتى وإن كان مختلفا قليلا عن بقية أبنائها الأصحاء ويحتاج وجه آخر من الرعاية والعلاج وهكذا يجب أن يعامل كل طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة ، وإنما بدأت عندما قررت البحث عن مركز مؤهل بالمنطقة الشرقية للمعاقين وألحقت ابنها بمركزين تجاريين لتأهيل الأطفال المعاقين ولم يكونا بالمستوى المطلوب رغم أن رسومهما تصل إلى 20 ألف ريال سنوياً ، ثم ذهبت به إلى مركز ثالث للأطفال المعاقين ولم يتم قبوله ثم عادت للجمعية مرة أخرى فقالوا لها: إن قدرات ابنها لا تتماشى مع الإمكانات العلاجية في البرنامج الخاص بالجمعية ورغم استيائها من عدم وجود مراكز مخصصة ومؤهلة لتأهيل الأطفال المصابين بإعاقة عقلية والتعب من استغلال المراكز التجارية ذهبت إلى مركز جديد بالمنطقة الشرقية ولكنها صُدمت بأسعاره المبالغ فيها فسعر الجلسة الواحدة للعلاج تصل إلى 400 ريال في الساعة مع أن الكوادر العاملة في هذا المركز ليسوا كلهم متخصصين فى العلاج والتعامل مع الطفل المعاق وتضيف بأن مشكلتها مثل كل أم مسؤولة عن طفل معاق وهي عدم وجود مراكز إرشادية ذات مستوى مطلوب تُرشد عائلات المعاقين إلى الطريقة الصحيحة للاعتناء بأطفالهم المعاقين وتوفير العلاج المطلوب لشفائهم بدلاً من أن يصيبهم الضياع على طريق البحث بلا دليل وتطالب بمراقبة مراكز تأهيل المعاقين الخاصة «التجارية» من ناحية مناسبة الأسعار ومدى تأهيلها لعلاج مثل هذه الحالة كما يجب أن يكون المركز مكانا راقيا وذا مستوى عال ومجاني أو بأسعار رمزية لأن العناية بالأطفال المعاقين مكلفة ماديا فتوفير احتياجات الطفل المعاق بالإضافة إلى مصاريف علاج المراكز والمدربين الباهظة من توفير أدوات خاصة غالية الثمن مثل السرير الخاص والكرسي أو المشاية أو حتى الأحذية أرهقت كاهل الوالدين بالمصاريف الباهظة .
المصدر : https://www.afeyaa.com/news-action-show-id-1303.htm