* تعريف عام للتدخل المبكر :
تقديم الخدمات الطبية والتربوية والعلاجية الطبيعية والوظيفية والنطقية من خلال تصميم برامج تربوية فردية بالأطفال ذوي الحاجات الخاصة الذين هم في السنوات الست الأولى من أعمارهم . * مبررات التدخل المبكر :
يدرك الخبراء في ميدان التربية الخاصة أهمية التدخل المبكر ، لأنه يؤدي إلى الوقاية من المشكلات في النمو ، ويقلل من تأثيرات الإعاقة على الأطفال ذوي الحاجات الخاصة وأسرهم . فمظاهر النمو المختلفة مترابطة ، ولذا فبدون التدخل المبكر قد يقود الضعف إلى ضعف آخر ، أو قد تؤدي الإعاقة إلى إعاقات أخرى .
ومن جهة أخرى فقد تبين أن للخبرات الأولية في الحياة تأثيرات كبيرة على النمو في جميع جوانبه . فمرحلة الطفولة المبكرة يحدث فيها ما يُعرف باسم فترات النمو الحرجة ، حيث يكون الطفل في ذروة استعداداته وقابليته للنمو والتغيير ، ولذلك فالتدخل المبكر يسعى إلى استثمار هذه الفترات لتطوير القدرات العقلية واللغوية والاجتماعية للطفل . ولا تقتصر خدمات التدخل المبكر على ما يقدمه من خدمات ، للطفل ، فخدماته تتعدى ذلك إلى الأسرة حيث يوجهها إلى كيفية التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة قبل أن تتطور لديها أنماط رعاية وردود فعلٍ مناسبة أو غير بناءة . وبما أن التدخل المبكر يعمل على تحسين الوضع الصحي والنمائي العام للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ، فإنه بالتالي يعمل على خفض التكاليف المادية للعلاجات الطبية وغير الطبية التي قد تحتاجها هذه الفئة من الأطفال في المستقبل .
وبما أن مرحلة ما قبل المدرسة لها أهميتها الخاصة ، إذ أجمع المربون وعلماء النفس على اعتبارها أهم فترة عمرية تمر في حياة الإنسان ، ومن هنا فإن التدخل المبكر في هذه المرحلة يعتبر أمراً على درجة كبيرة من الأهمية ، فهو إن لم يكن قادراً على معالجة ما يطرأ من مشكلات في تلك المرحلة ، فهو قادر على تخفيفها ، أو على الأقل قادر على منع تفاقمها في المستقبل .
* الإستراتيجية وبرامج التدخل :
يرى الخبراء في ميدان التربية الخاصة الإستراتيجيات وبرامج التدخل العلاجي المبكر للأطفال ذوي الحاجات الخاصة يختلف شكلاً ومضموناً من طفل لآخر ، ولكن هنالك قاسماً مشتركاً يلتقون عنده عندما يتحدثون عن الاستراتيجيات والبرامج بشكل عام ، وخرجوا بتصنيف لتلك البرامج إلى ثلاث فئات رئيسية هي :
1- فئة البرامج الوقائية الموجهة نحو الأطفال الذين هم عرضة للخطر لأسباب بيئية .
2- فئة البرامج الوقائية الموجهة نحو الأطفال الذين هم عرضة للخطر لأسباب بيولوجية .
3- فئة البرامج العلاجية – التصحيحية الموجهة نحو الأطفال المتأخرين نمائياً أو عقلياً .
* بالنسبة للبرامج الوقائية الموجهة نحو الأطفال الذين هم عرضة لأسباب بيئية ، أتضح أن بعض المتغيرات المحددة تلعب دوراً رئيسياً في تحديد فاعلية برامج التدخل المبكر المقدمة لهم . ومن أهم هذه المتغيرات :
1- مستوى كثافة التدخل : فكلما كان التدخل المبكر مكثفاً أكثر ( بمعنى أنه يتضمن تفاعلاً واسعاً وكبيراً مع الأطفال وأسرهم ) ، التأثيرات النمائية والسلوكية أكبر .
2- موعد البدء بالتدخل المبكر : فكلما كان التدخل مبكرا أكثر ( منذ لحظة الولادة وإلى الثالثة من العمر ) كانت الفائدة بالنسبة للأطفال أكبر .
3- مدة التدخل المبكر : تبين أنه كلما طالت مدة التدخل ، بحيث تتضمن تقديم الخدمات للأطفال إلى أن يبلغوا سن المدرسة ، بل حتى بعد دخولهم المدرسة ، كانت النتائج أفضل .
4- مدة دعم الأسرة : فكلما عملت برامج التدخل المبكر على إشراك الوالدين في برامج التدخل أكثر ، وقدمت لهما البرامج التدريبية ، كانت التأثيرات على الأطفال أكبر .
5- كنايات المعلمين واتجاهاتهم : تتناسب برامج التدخل المبكر في فاعليتها تناسباً طردياً في اتجاهات المعلمين الإيجابية وقدراتهم الشخصية المتطورة، علاوة على ذلك فعلى الرغم من أهمية منهاج التدخل المبكر المستخدم ، إلا أن الأكثر أهمية من ذلك هو البيئة التي يتم تدريب الأطفال فيها ، فالبيئة الإيجابية والإنسانية الدافئة هي المحك الحاسم .
أما برامج التدخل النمائي الموجهة نحو الأطفال الذين هم عرضة للخطر لأسباب بيولوجية أو طبية ، فمنها ما يتصل بالبرامج المقدمة في وحدات العلاج المركز لحديثي الولادة ، ومنها ما يتصل بالبرامج للأطفال بعد الخروج من المستشفيات . ويشمل التدخل المبكر للأطفال في وحدات العلاج الإثارة الحسية ( السمعية ، البصرية، اللمسية ، الحركية ، الحسية ) . وبالرغم من التباين الملحوظ في نتائج الدراسات التي حاولت التحقق من فاعلية هذا النوع من التدخل المبكر ، فأن معظم الدراسات على اختلاف منهجيتها أشارت إلى تحسن قصير المدى( ست شهور إلى سنة) على الأقل . ولكن بعض الدراسات تشير بوضوح إلى أهمية تطوير البرامج على المستوى الفردي ، وأن تكون هذه البرامج قابلة ، وأن تتصف بكونها وظيفية ، وتراعي المستوى النمائي العصبي للطفل،حيث أن الإثارة الزائدة قد تزيد من مستوى عدم استقرار الجهاز العصبي الذاتي . كذلك فأن البحوث العلمية الحديثة تؤكد على أهمية عدم اقتصار التدخل المبكر على الإثارة الحسية فقط وايلاء العلاقات والتفاعلات الاجتماعية المتبادلة بين الوالدين وطفلهما جل الاهتمام .
وبالنسبة للبرامج الوقائية المقدمة للأطفال المعرضين للخطر لأسباب بيولوجية طبية وذلك بهد خروجهم من المستشفى ، فهي تشمل تزويد الطفل ووالديه بالبرامج التدريبية اللازمة لتشجيع مظاهر النمو الطبيعية . وبوجه عام ، ثمة أدلة متزايدة على الفائدة طويلة المدى نسبياً لهذه البرامج ، وبخاصة تلك الموجهة نحو الوالدين.
أما بالنسبة للدراسات التي حاولت تقييم مستوى فاعلية البرامج العلاجية – التصحيحية . للأطفال المتأخرين نمائياً والمعوقين ، فهي تواجه تحديات منهجية من نوع خاص . ولعل أكثر تلك التحديات وضوحاً الأطفال المستهدفين من حيث فئة الإعاقة وشدتها وأسبابها واختلاف خصائص أسر الأطفال وكذلك تنوع برامج التدخل المبكر .
ومهما يكن الأمر ، فان عشرات الدراسات التجريبية أوضحت فاعلية هذا النوع من التدخل المبكر لا بالنسبة للأطفال فحسب وإنما بالنسبة لأسرهم أيضاً . فهذا التدخل يطور القدرات المعرفية للأطفال والقدرات النمائية الأخرى ، ويحول دون التدهور النمائي ، ويجعل الأسرة أكثر قدرة على القيام بوظائفها وأدوارها .
* نتائج الدراسات :
تناول كثير من العلماء في ميدان التربية الخاصة بالدراسة والبحث فاعلية برامج التدخل المبكر . ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر ( دنست وسنايدر ومانكتن ) حيث قاموا بالعمل على تحليل النتائج لمائة وخمس دراسات ، مستخدمين إطارا نظريا جديدا لتقيم فاعلية برامج التدخل المبكر . وهذا الإطار لا يهتم فقط بتحديد أثر التدخل على نمو الطفل ومستوى تطوره ، ولكنة يهتم أيضا بتحليل التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للتدخل على الوالدين والأسرة . وقد خلص دنست ورفاقه إلى النتائج الرئيسية التالية :
1- إن معظم الأطفال الذين يلتحقون ببرامج التدخل المبكر يحققون تطورا نمائيا، ويظهرون تغيرات سلوكية طويلة المدى نسبيا . إلا أنه من المتعذر حاليا معرفة أي العناصر في برامج التدخل المبكر مسئول عن هذا التطور وهذه التغيرات .
2- إن برامج التدخل المبكر التي تعتمد المناهج السلوكية والمعرفية هي البرامج الأكثر .
3- إن معظم الأدلة على فاعلية التدخل المبكر وجدواه قدمته الدراسات ذات العلاقة بالأطفال المعرضين للخطر لأسباب بيئية . أما الدراسات ذات العلاقة بالأطفال المعرضين للخطر لأسباب بيولوجية – طبية ، فهي لم تنجح في تقديم أدلة مقنعة بعد .
4- ثمة أدلة متزايدة على أن التدخل يكون أكثر فاعلية عندما يكون لمدة أطول ومبكراً أكثر .
5- إن التقدم الذي يحوزه الأطفال المستفيدون من خدمات التدخل المبكر تتأثر بشكل واضح بخصائص كل من الطفل وأسرته .
6- إن معدل تحسن أداء الأطفال المستفيدين من خدمات التدخل المبكر تختلف جوهرياً باختلاف شدة إعاقتهم ، فكلما كانت الإعاقة أشد ، كانت الفوائد التي يجنيها الأطفال أقل . والعكس صحيح . وفي المراجعة الشاملة لأدبيات التدخل المبكر التجريبية ، فقد قدم العلماء في ميدان التربية الخاصة اقتراحات عامة للعاملين في ميدان التدخل المبكر ، تتمثل فيما يلي :
أ- يجب أن تتبنى برامج التدخل المبكر فلسفة واضحة تعمل بمثابة الموجه والدليل إلى العمل مع الطفل وأسرته .
ب- يجب أن تحدد برامج التدخل المبكر المكونات الرئيسية للخدمات المقدمة ، كيفية تحقيق تلك المكونات للأهداف المرجوة .
ج- يجب أن تدرك برامج التدخل المبكر أنها تعمل في محتوى أسري ومجتمعي، وأنها لن تستطيع تحقيق أهدافها دون تلبية حاجة الطفل وأسرته أيضاً . د- يجب أن تتبنى برامج التدخل المبكر موقفاً إنسانياً إيجابياً نحو الأطفال وأسرهم ، ومثل هذا الموقف يقود إلى الاهتمام ببناء مواطن القوة ، ولا يركز فقط على مواطن العجز .
هـ- يجب أن تتبنى برامج التدخل المبكر موقف أنيا .
و- يجب أن تكيف برامج التدخل المبكر الفردية للأطفال وأسرهم ، أما البرامج التي تفتقر إلى المرونة وتحدد عناصرها مسبقا ولا يجري عليها أي تعديل، فهي برامج تفتقر إلى الفاعلية .
ز- يجب أن تكون برامج التدخل المبكر واقعية من حيث التغيرات في الأداء التي يتوقع تحقيقها نتيجة للتدخل .
ح- يجب أن تعتمد برامج التدخل المبكر المحكات التالية للتحقق من فاعليتها : التشخيص ، شدة الإعاقة ، عمر الطفل عند الالتحاق بالبرامج ، مدة التدخل وكثافته .
ط- يجب أن تراعي برامج التدخل المبكر مدى حاجة الأسرة إلى الدعم وقدرتها على المشاركة في البرنامج . * المصدر – المنتدى السعودي للتربية الخاصة
شاهد أيضاً
كيفية تعليم الأطفال المعاقين المهارات الحياتية
اعاقتي – سالي: كيفية تعليم الأطفال المعاقين المهارات الحياتية هناك مهارات عديدة من الممكن تعليمها …