يتميز الأطفال الموهوبون والمتفوقون عقلياً بخصائص سلوكية معرفية تميزهم عن أقرانهم في مرحلة مبكرة من نموهم. وتلعب التنشئة الأسرية والظروف المحيطة دوراً هاماً في استمرار تنمية هذه الخصائص بسبب حساسية الموهوب والمتفوق, وقد تؤدي إلى جعلها قوى سلبية معيقة للتعلم.
والأطفال الموهوبون والمتفوقون ليسوا مجتمعاً متجانساً, فكلما ازدادت درجة الموهبة والتفوق عند الفرد ازدادت درجة تفرده عن غيره.
* ومن أبرز الخصائص المعرفية للموهوبين والمتفوقين ما يلي:
أولاً: إدراك النظم الرمزية والأفكار المجردة: فهم يظهرون قدرة فائقة على تعلم النظم اللغوية والرياضية ومعالجتها في مرحلة مبكرة من العمر, وسرعان ما يُعرفون لدى الوالدين والمعلمين بمهاراتهم في هذه الجوانب.
ثانياً: حب الاستطلاع: فهم يكشفون في سن مبكرة عن رغبة قوية في التعرف على العالم من حولهم وفهمه من خلال قوة ملاحظتهم وطرحهم تساؤلات تبدو غير منسجمة مع مستواهم العمري أو الصفي الأمر الذي يتطلب جدية الراشدين في الاستجابة لهذه التساؤلات التي تعتبر عنصراً هاماً في بناء الشخصية الاستكشافية وتقويتها لدى الطفل.
ثالثاً: الاستقلالية: فالموهوب والمتفوق يتميز بنزعة قوية للعمل منفرداً ولاكتشاف الأشياء بطريقته الخاصة بأقل قدر من التوجيه من قبل المعلمين أو الوالدين, وهذا يشير إلى وجود دوافع داخلية بدلا ًمن الدوافع الخارجية التي تستند إلى أساليب المكافأة والعقاب كما هو لدى الطالب العادي.
رابعاً: قوة التركيز: فالموهوب والمتفوق يتمتع بقدرة فائقة على التركيز على المشكلة أو المهمة التي يقوم بمعالجتها, ويرافق هذه القدرة على التركيز طول مدة الانتباه. وتلعب هذه القدرات دوراً مهماً في تحقيق إنجازات على مستوى المهنة أو التخصص في المستقبل. وتشير الدراسات إلى أن العلاقة طردية بين الذكاء وبين عدد ساعات التركيز.
خامسا: قوة الذاكرة: يوصف الأطفال الموهوبون والمتفوقون باتساع معارفهم وعمقها وقدرتهم على اكتساب كم هائل من المعلومات حول موضوعات متنوعة واختزانها. وتجدر الإشارة إلى أن الذاكرة القوية تعتبر أعظم سلاح عقلي يمتلكه الفرد. وتشير الدراسات إلى أن معاملات الارتباط عالية بين الذكاء والذاكرة والنجاح في الامتحانات.
سادساً: الولع بالمطالعة: يوصف هؤلاء الأطفال بأنهم مهووسو كتب مولعون بالقراءة وقراءاتهم متنوعة متبحرة, ويفضلون قراءة كتب في مستوى كتب الراشدين. كما أن استعدادهم للقراءة يظهر في سن مبكرة قد يكون في سن الثالثة.
سابعاً: تنوع الاهتمامات: فهم يتصفون بتنوع اهتماماتهم وهواياتهم وكثرتها, ومن أبرزها تجميع الأشياء وترتيبها مثل الطوابع والعملات القديمة والبطاقات البريدية والصخور والصور وغيرها.
ثامناً: تطور لغوي مبكر: فهم يظهرون مستويات متقدمة من التطور اللغوي والقدرة اللفظية, وتكون حصيلتهم من المفردات متقدمة على أبناء عمرهم أو صفهم, ويستخدمون تعابير لغوية في جمل مفيدة وتراكيب معقدة, ويتسم سلوكهم اللفظي بالطلاقة والوضوح.
* أما الخصائص الانفعالية للموهوبين والمتفوقين فتتمثل في أنهم يتمتعون باستقرار عاطفي واستقلالية ذاتية, وكثيرون منهم يلعبون أدواراً قيادية على المستوى الاجتماعي في شتى مراحل دراستهم, كما أنهم أقل عرضة للاضطرابات الذهانية والعصابية من الأطفال العاديين ويبدون سعداء يحبهم زملاؤهم. كما أنهم يتصفون بما يلي:
أولاً: النضج الأخلاقي المبكر: حيث يكون لديهم إدراك قوي لمفهوم العدالة في علاقاتهم مع الآخرين, وينشغلون بنشاطات مرتبطة بالعدالة الاجتماعية والمساواة, كما أنهم يهتمون بمشكلات الآخرين ويميلون لتقديم المساعدة لهم, وتكون لديهم قدرات على التمييز بين الصواب والخطأ, ويتطور لديهم نظام من القيم في مرحلة مبكرة, كما أنهم يبالغون في نقد الذات ونقد الآخرين, ويفضلون اللعب مع من هم أكبر منهم سناً.
ثانياً: حس الدعابة: فهم يلجئون إلى استخدام النكتة اللاذعة أو المبطنة, وقد يظهر ذلك من خلال التواصل اللفظي أو على شكل رسومات أو كتابات أو تعليقات ساخرة من دون أن يقصد بها إيذاء الآخرين.
ثالثاً: القيادية: فهم يمتلكون قدرة غير عادية على التأثير على الآخرين أو إقناعهم أو توجيههم.
رابعاً: الحساسية المفرطة والحدة الانفعالية: فهم يظهرون عادة حساسية شديدة لما يدور حولهم, وكثيراً ما يشعرون بالضيق أو الفرح في مواقف قد تبدو عادية لدى غيرهم من الأطفال العاديين, ويتميز بعضهم بحدة الانفعالات في استجاباتهم, الأمر الذي يعرضهم لمشكلات في البيت والمدرسة ومع الرفاق. وتعتبر هذه السمة المظهر الأكثر وضوحاً في النمو العاطفي للطفل الموهوب والمتفوق, وهي القوة المحركة للموهبة.
خامساً: الكمالية: وأبرز ما يميزهم التفكير بمنطق كل شيء أو لا شيء, وأنهم يضعون معايير متطرفة غير معقولة, ويسعون بشكل قهري لبلوغ أهداف مستحيلة, ويقيمون ذواتهم على أساس مستوى الإنجاز والإنتاجية.
* المصدر
– الموهبة والتفوق والإبداع،د. فتحي جروان .
– موقع منار للتربية الخاصة .