أخبار عاجلة

مفهوم التوجيه والإرشاد النفسي

هناك تعريفات كثيرة للتوجيه والإرشاد، كل من وجهة نظر معينة، وكل يركز على وجهة النظر التي يرتكز عليها، ولكنها جميعا تهدف إلى نفس الشيء، وتؤكد نفس المعنى، وهذه التعريفات تحدد وتصف الأنشطة التي يتضمنها الإطار العام للتوجيه والإرشاد النفسي، وفيما يلي عدد من هذه التعريفات :
– هو عملية إرشاد الفرد إلى الطرق المختلفة التي يستطيع عن طريقها اكتشاف واستخدام إمكانياته وقدراته، وتعليمه ما يمكنه من أن يعيش في أسعد حال ممكن بالنسبة لنفسه وللمجتمع الذي يعيش فيه.
– هو عملية مساعدة الفرد في فهم وتحليل استعداداته وقدراته وإمكانياته وميوله والفرص المتاحة أمامه ومشكلاته وحاجاته، واستخدام معرفته في إجراء الاختيارات واتّخاذ القرارات لتحقيق التوافق بحيث يستطيع أن يعيش سعيدا.
– هو عملية مساعدة الفرد وتشجيعه على الاختيار والتقرير والتخطيط للمستقبل بدقة وحكمة ومسئولية في ضوء معرفة نفسه ومعرفة واقع المجتمع الذي يعيش فيه.
– هو عملية مساعدة الفرد في فهم حاضرة وإعداده لمستقبله بهدف وضعه في مكانه المناسب له وللمجتمع الذي يعيش فيه.
* التعرف الشامل للتوجيه والإرشاد النفسي:
التوجيه والإرشاد النفسي عملية واعية مستمرة بناءة ومخططة، تهدف إلى مساعدة وتشجيع الفرد لكي يعرف نفسه ويفهم ذاته ويدرس شخصيته جسميا وعقليا واجتماعيا وانفعاليا، ويفهم خبراته، ويحدد مشكلاته وحاجاته، ويعرف الفرص المتاحة له، وأن يستخدم وينمّي إمكاناته بذكاء إلى أقصى حدٍّ مستطاع، وأن يحدد اختياراته ويتّخذ قراراته ويحل مشكلاته في ضوء معرفته ورغبته بنفسه، بالإضافة إلى التعليم والتدريب الخاص الذي يحصل عليه عن طريق المرشدين والمربين والوالدين، في مراكز التوجيه والإرشاد وفي المدارس وفي الأسرة، لكي يصل إلى تحديد وتحقيق أهداف واضحة تكفل له تحقيق ذاته وتحقيق الصحة النفسية والسعادة مع نفسه ومع الآخرين في المجتمع والتوفيق شخصيا وتربويا ومهنيا وأسريا .
* أهداف التوجيه والإرشاد
أ ـ تحقيق الذات Self – actualization :
لا شك أن الهدف الرئيسي للتوجيه والإرشاد هو العمل مع الفرد لتحقيق الذات والعمل مع الفرد يقصد به العمل معه حسب حالته سواء كان عاديا أو متفوقا أو ضعيف العقل أو متأخرا دراسيا أو متفوّقا أو جانحا، ومساعدته في تحقيق ذاته إلى درجة يستطيع فيها أن ينظر إلى نفسه فيرضى عما ينظر إليه.
ويقول كارل روجرز إن الفرد لديه دافع أساسي يوجه سلوكه وهو دافع تحقيق الذات. ونتيجة لوجود هذا الدافع فإن الفرد لديه استعداد دائم لتنمية فهم ذاته ومعرفة وتحليل نفسه وفهم استعداداته وإمكاناته أي تقييم نفسه وتقويمها وتوجيه ذاته. ويتضمن ذلك ” تنمية بصيرة العميل “. ويركّز الإرشاد النفسي غير المباشر أو الممركز حول العميل أو الممركز حول الذات على تحقيق الذات إلى أقصى درجة ممكنة وليس بطريقة ” الكل أو لا شيء “.
كذلك يهدف الإرشاد النفسي إلى نمو مفهوم موجب للذات، والذات هي كينونة الفرد وحجر الزاوية في شخصيته، ومفهوم الذات الموجب positive self – concept يعبّر تطابق مفهوم الذات الواقعي ( أي المفهوم المدرك للذات الواقعية كما يعبّر عنه الشخص ) مع مفهوم الذات المثالي ( أي المفهوم المدرك للذات المثالية كما يعبر عنه الشخص (. ومفهوم الذات الموجب عكس مفهوم الذات السالب الذي يعبر عنه عدم تطابق مفهوم الذات الواقعي ومفهوم الذات المثالي.
وهناك هدف بعيد المدى للتوجيه والإرشاد وهو ” توجيه الذات ” self -guidance أي تحقيق قدرة الفرد على توجيه حياته بنفسه بذكاء وبصيرة وكفاية في حدود المعايير الاجتماعية، وتحيد أهداف للحياة وفلسفة واقعية لتحقيق هذه الأهداف.
ويعمم هذا الهدف تحت عنوان ” تسهيل النمو العادي ” وتحقيق مطالب النمو في ضوء معاييره وقوانينه حتى يتحقق النضج النفسي. ويُقصد بتسهيل النمو هنا النمو السوي الذي يتضمن التحسن والتقدم وليس مجرد التغيير، لأن ليس كل تغيير تحسّنا.
ب ـ تحقيق التوافق Adjustment :
من أهم أهداف التوجيه والإرشاد النفسي تحقيق التوافق، أي تناول السلوك والبيئة الطبيعية والاجتماعية بالتغيير والتعديل حتى يحدث توازن بين الفرد وبيئته،وهذا التوازن يتضمن إشباع حاجات الفرد ومقابلة متطلبات البيئة.
ويجب النظر إلى التوافق النفسي نظرة متكاملة بحيث يتحقق التوافق المتوازن في كافة مجالاته. * ومن أهم مجالات تحقيق التوافق ما يلي:
1- تحقيق التوافق الشخصي:
أي تحقيق السعادة مع النفس والرضا عنها وإشباع الدوافع والحاجات الداخلية الفطرية والعضوية والفسيولوجية والثانوية المكتسبة، ويعبر عن سلم داخلي حيث يقل الصراع، ويتضمن كذلك التوافق لمطالب النمو في مراحله المتتابعة
2- تحقيق التوافق التربوي:
وذلك عن طريق مساعدة الفرد في اختيار أنسب المواد الدراسية والمناهج في ضوء قدراته وميوله وبذل أقصى جهد ممكن بما يحقق النجاح الدراسي.
3- تحقيق التوافق المهني:
ويتضمن الاختيار المناسب للمهنة والاستعداد علميا وتدريبيا لها والدخول فيها والإنجاز والكفاءة والشعور بالرضا والنجاح، أي وضع الفرد المناسب في المكان المناسب بالنسبة له وبالنسبة للمجتمع.
4- تحقيق التوافق الاجتماعي:
ويتضمن السعادة مع الآخرين والالتزام بأخلاقيات المجتمع ومسايرة المعايير الاجتماعية وقواعد الضبط الاجتماعي وتقبل التغير الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي السليم والعمل لخير الجماعة وتعديل القيم مما يؤدي إلى تحقيق الصحة الاجتماعية، ويدخل ضمن التوافق الاجتماعي التوافق الأسري والتوافق الزواجي.
ج ـ تحقيق الصحة النفسية:
إن الهدف العام الشامل للتوجيه والإرشاد النفسي هو تحقيق الصحة النفسية وسعادة وهناء الفرد. ويلاحظ هنا فصل تحقيق الصحة النفسية كهدف عن تحقيق التوافق كهدف ويرجع ذلك إلى أن الصحة النفسية والتوافق النفسي ليسا مترادفين. فالفرد قد يكون متوافقا مع بعض الظروف وفي بعض المواقف ولكنه قد يكون صحيحا نفسيا لأنه قد يساير البيئة خارجيا ولكنه يرفضها داخليا.
ويرتبط بتحقيق الصحة النفسية كهدف حل مشكلات العمل أي مساعدته في حل مشكلاته بنفسه، ويتضمن ذلك التعرف على أسباب المشكلات وأعراضها وإزالة الأسباب وإزالة الأعراض.
د ـ تحسين العملية التربوية:
إن أكبر المؤسسات التي يعمل فيها التوجيه والإرشاد هي المدرسة، ومن أكبر مجالاته مجال التربية. وتحتاج العملية التربوية إلى تحسين قائم على تحقيق جو نفسي صحي له مكونات منها احترام التلميذ كفرد في حد ذاته وكعضو في جماعة الفصل والمدرسة والمجتمع وتحقيق الحرية والأمن والارتياح بما يتيح فرصة نمو شخصية التلاميذ من كافة جوانبها ويحقق تسهيل عملية التعليم، ولتحسين العملية التربوية يُوجّه الاهتمام إلى ما يلي:
– إثارة الدافعية وتشجيع الرغبة في التحصيل واستخدام الثواب والتعزيز وجعل الخبرة التربوية التي يعيشها التلميذ كما ينبغي أن تكون من حيث الفائدة المرجوّة.
– عمل حساب الفروق الفردية وأهمية التعرف على المتفوقين ومساعدتهم على النمو التربوي في ضوء قدراتهم.
– إعطاء كم مناسب من المعلومات الأكاديمية والمهنية والاجتماعية تفيد في معرفة التلميذ لذاته وفي تحقيق التوافق النفسي والصحة النفسية وتلقي الضوء على مشكلاته وتعليمه كيف يحلها.
– توجيه التلاميذ إلى طريقة المذاكرة والتحصيل السليم بأفضل طريقة ممكنة حتى يحققوا أكبر درجة ممكنة من النجاح.
وهكذا نرى أن تحسين العملية التربوية يُعتبر من أهم أهداف التوجيه والإرشاد النفسي في المجال التربوي الذي يهمنا بصفة خاصة.
* الحاجة إلى التوجيه والإرشاد النفسي
لقد كان التوجيه والإرشاد فيما مضى موجودا ويُمارس دون أن يأخذ هذا الاسم أو الإطار العلمي ودون أن يشمله برنامج منظّم، ولكنه تطوّر وأصبح الآن له أسسه ونظرياته وطرقه ومجالاته وبرامجه، وأصبح يقوم به أخصائيون متخصصون علميا وفنيا وأصبحت الحاجة ماسة إلى التوجيه والإرشاد في مدارسنا وفي أسرنا وفي مؤسساتنا الإنتاجية وفي مجتمعنا بصفة عامة.
إن الفرد والجماعة يحتاجون إلى التوجيه والإرشاد، وكل فرد خلال مراحل نموه المتتالية يمر بمشكلات عادية وفترات حرجة يحتاج فيها إلى إرشاد. ولقد طرأت تغيرات أسرية تعتبر من أهم ملامح التغيّر الاجتماعي. ولقد حدث تقدّم علمي وتكنولوجي كبير، وحدث تطوّر في التعليم ومناهجه، وحدثت زيادة في أعداد التلاميذ في المدارس. وحدثت تغيرات في العمل والمهنة. ونحن الآن نعيش في عصر يطلق عليه عصر القلق. هذا كله يؤكد أن الحاجة ماسة إلى التوجيه والإرشاد. وفيما يلي تفصيل ذلك:
1- فترات الانتقال:
يمر كل فرد خلال مراحل نموّه بفترات انتقال حرجة يحتاج فيها إلى التوجيه والإرشاد. وأهم الفترات الحرجة عندما ينتقل الفرد من المنزل إلى المدرسة وعندما يتركها، وعندما ينتقل من الدراسة إلى العمل وعندما يتركه، وعندما ينتقل من حياة العزوبة إلى الزواج وعندما يحدث طلاق أو موت، وعندما ينتقل من الطفولة إلى المراهقة، ومن المراهقة إلى الرشد، ومن الرشد إلى سن القعود والشيخوخة. إن فترات الانتقال الحرجة هذه قد يتخللها صراعات وإحباطات وقد يلوّنها القلق والخوف من المجهول والاكتئاب. وهذا يتطلّب إعداد الفرد قبل فترة الانتقال ضمانا للتوافق مع الخبرات الجديدة، وذلك بإمداده بالمعلومات الكافية وغير ذلك من خدمات الإرشاد النفسي، حتّى تمر فترة الانتقال بسلام.
2- التغيرات الأسرية:
يختلف النظام الأسري في المجتمعات المختلفة حسب تقدّم المجتمع وثقافته ودينه. ويظهر هذا الاختلاف في نواحٍ عدّة مثل نظام العلاقات الاجتماعية في الأسرة ونظام التنشئة الاجتماعية..الخ. ونحن نلمس آثار هذا الاختلاف في الدراسات الاجتماعية المقارنة بين المجتمعات الغربية، ومقارنة النظام الأسري، في المدينة والقرية والبادية…وهكذا.
3- التغير الاجتماعي:
يشهد العالم في العصر الحاضر قدرا كبيرا من التغير الاجتماعي المستمر السريع. ويقابل عملية التغير الاجتماعي عملية أخرى هي عملية الضبط الاجتماعي Social control التي تحاول توجيه السلوك بحيث يساير المعايير الاجتماعية ولا ينحرف عنها. وهناك الكثير من عوامل التغيّر الاجتماعي أدّت إلى زيادة سرعته عن ذي قبل مثل: الاتصال السريع والتقدم العلمي والتكنولوجي وسهولة التزاوج بين الثقافات ونمو الوعي وحدوث الثورات والحروب…الخ.، ومن أهم ملامح التغير الاجتماعي ما يلي:
– تغيّر بعض مظاهر السلوك، فأصبح مقبولا بعض ما كان مرفوضا من قبل، وأصبح مرفوضا ما كان مقبولا من قبل.
– إدراك أهمية التعليم في تحقيق الارتفاع على السلم الاجتماعي ـ الاقتصادي.
– التوسع في تعليم المرأة وخروجها إلى العمل.
– زيادة ارتفاع مستوى الطموح، وزيادة الضغوط الاجتماعية للحراك الاجتماعي الرأسي إلى أعلى.
-وضوح الصراع بين الأجيال وزيادة الفروق في القيم والفروق الثقافية والفكرية وخاصة بين الكبار والشباب حتى ليكاد التغير الاجتماعي السريع يجعل كلا من الفريقين يعيش في عالم مختلف.
4- التقدم العلمي والتكنولوجي:
يشهد العالم الآن تقدما علميا وتكنولوجيا تتزايد سرعته في شكل متوالية هندسية.. أصبح التقدم العلمي والتكنولوجي يحقق في عشر سنوات ما كان يحققه في خمسين سنة، ولقد حقق في الخمسين سنة الماضية ما حققه في المائتين سنة السابقة والتي حقق فيها مثل ما حققه التقدم العلمي منذ فجر الحضارة، ومن أهم معالم التقدم العلمي والتكنولوجي ما يلي:
– زيادة المخترعات الجديدة، واكتشاف الذرة واستخدامها في الأغراض السلمية وظهور النفاثات والصواريخ وغزو الفضاء.
– سياسة الميكنة والضبط الآلي في مجال العلم والعمل والإنتاج.
– تغيّر الاتجاهات والقيم والأخلاقيات وأسلوب الحياة.
– تغيّر النظام التربوي والكيان الاقتصادي والمهني.
– زيادة الحاجة إلى إعداد صفوة ممتازة من العلماء لضمان اطّراد التقدم العلمي والتكنولوجي وتقدّم الأمم.
– زيادة التطلّع إلى المستقبل والتخطيط له وظهور علم المستقبل Futurology ونحن نعلم أن التقدم العلمي يتطلّب توافقا من جانب الفرد والمجتمع ويؤكد الحاجة إلى التوجيه والإرشاد خاصة في المدارس والجامعات والمؤسسات الصناعية والإنتاجية من أجل المواكبة والتخطيط لمستقبل أفضل.
* تطوّر التعليم ومفاهيمه:
لقد تطوّر التعليم وتطوّرت مفاهيمه، ففيما مضى كان المعلم أو المتعلم أو الشيخ والمريد أو الأستاذ والطالب يتعاملون وجها لوجه في أعداد قليلة، ومصادر المعرفة والمراجع قليلة، وكان المدرس يهتم بنقل التراث وبالمادة العلمية يلقنها للتلاميذ، وكانت البحوث التربوية والنفسية محدودة، والآن تطور التعليم وتطورت مفاهيمه وتعددت أساليبه وطرقه ومناهجه والأنشطة التي تتضمنها.
عصر القلق:
نحن نعيش في عصر يُطلق عليه الآن ” عصر القلق “،ونسمع الآن عن ” أمراض الحضارة “، إن المجتمع المعاصر مليء بالصراعات والمطامع ومشكلات المدنية وعلى سبيل المثال كان الناس فيما مضى يركبون الدواب وهو راضون، والآن لديهم السيارات والطائرات ولكنهم غير راضين، يتطلّعون إلى الأسرع حتى الصاروخ ومركبات الفضاء، إن الكثيرين في المجتمع الحديث يعانون من القلق والمشكلات التي تظهر الحاجة إلى خدمات الإرشاد العلاجي في مجال الشخصية ومشكلاتها.
* مناهج واستراتيجيات التوجيه والإرشاد
1- المنهج الإنمائي
ويطلق عليه المنهج الإنشائي أو التكويني ويحتوي على الإجراءات والعمليات الصحيحة التي تؤدي إلى النمو السليم لدى الأشخاص العاديين والأسوياء والارتقاء بأنماط سلوكهم المرغوبة خلال مراحل نموهم حتى يتحقق أعلى مستوى من النضج والصحة النفسية والتوافق النفسي عن طريق نمو مفهوم موجب للذات وتقبلها ، وتحديد أهداف سليمة للحياة ، وتوجيه الدوافع والقدرات والإمكانات التوجيه السليم نفسياً واجتماعياً وتربوياً ومهنياً ورعاية مظاهر الشخصية الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية .
2- المنهج الوقائي
ويطلق عليه التحصين النفسي ضد المشكلات والاضطرابات والأمراض ، وهو الطريقة التي يسلكها الشخص كي يتجنب الوقوع في مشكلة ما .
3- المنهج العلاجي
ويتضمن مجموعة الخدمات التي تهدف إلى مساعدة الشخص لعلاج مشكلاته والعودة إلى حالة التوافق والصحة النفسية ، ويهتم هذا المنهج باستخدام الأساليب والطرق والنظريات العلمية المتخصصة في التعامل مع المشكلات من حيث تشخيصها ودراسة أسبابها ، وطرق علاجها ، والتي يقوم بها المتخصصون في مجال التوجيه والإرشاد .
* التوجيه والإرشاد النفسي علم وفن
إن ممارسة الإرشاد النفسي فن يقوم على أساس علمي، بالضبط كما أن ممارسة العلاج الطبي فن يقوم على أساس علمي. ويقول شيرتزر و ستون إن ممارسة الإرشاد النفسي كفن من فنون العلاقات الاجتماعية يقوم على أساس علمي، يحتاج إلى دراسة علمية في الجامعات وتدريب فني قبل الممارسة في مراكز الإرشاد والعيادات النفسية، وبينما نجد كتابا يتحدثون عن الإرشاد النفسي على أنه علم أكثر منه فن فإن الواقع يشير إلى أن ممارس الإرشاد النفسي يلمس التوازن العملي بين الإرشاد النفسي كعلم نظري وفن تطبيقي حيث يدعم العلم المتاح فن الممارسة.
1- الإرشاد النفسي علم:
هناك عدة اعتبارات تجعل الإرشاد النفسي علما. ومن هذه الاعتبارات ما يلي:
– الإرشاد النفسي فرع من فروع علم النفس التطبيقي.
– الإرشاد النفسي يقوم على أساس نظريات علمية راسخة مثل نظرية الذات ونظرية المجال ونظرية السمات والعوامل والنظرية السلوكية. وهذه النظريات تستند إلى مناهج البحث العلمي التجريبي والوصفي الذي من أهم طرقه الملاحظة العلمية، ونحن نعلم أن النظرية يتم التوصل إليها عن طريق تسلسل علمي يبدأ بتحديد ظاهرة تحتاج إلى تفسير، ثم تحديد مشكلة الدراسة التي تدور حول الظاهرة، وتحديد الهدف من البحث العلمي وهو التفسير والتنبؤ والضبط، ثم تحديد الفروض التي تهدي إلى استكشاف الحقائق العلمية، ثم إجراء التجارب التي تهدف إلى تحقيق الفروض كلها أو بعضها حيث تستخدم عينات ممثلة واختبارات مقننة لقياس متغيرات محددة، ويتم الوصول إلى نظرية علمية.
– هناك حقائق كثيرة معروفة عن الفروق بين الإرشاد السليم والإرشاد غير المؤثر.
– كل مرشد لا بد أن يُعدّ الإعداد العلمي وأن يدرس الأساس العلمي الذي تقوم عليه عملية الإرشاد.
الإرشاد فن:
وهناك عدة اعتبارات تجعل الإرشاد النفسي فنا يحتاج إلى مهارة وخبرة. ومن هذه الاعتبارات ما يلي:
– هناك جوانب من حياة الإنسان وسلوكه مثل طبيعة الإنسان قد لا تخضع ـ بالدقة الكافية والثقة المطلوبة ـ للدراسة العلمية البحتة.
– هناك بعض المشكلات النفسية المعقدة لا يوفر العلم وحده تفسيرا كاملا لها.
– المرشد حين يعمل في مركز الإرشاد أو العيادة النفسية أو المدرسة وغيرها من المؤسسات يلتقي بعملاء بينهم فروق فردية واضحة في شخصياتهم وفي نوعية مشكلاتهم.
– عملية الإرشاد يلزمها الإقبال والقبول والتقبل من جانب المرشد والعميل.
– عملية الإرشاد تحتاج إلى خبرة فنية طويلة خاصة في عملية الفحص والتشخيص وتقديم المساعدة الإرشادية وفي مواجهة طوارئ عملية الإرشاد مثل المقاومة والتحويل والإحالة.
– كل مرشد يضفي لمسات فنية حين يطبق عمليا ما يعرفه علميا من فنيات وطرق.
– يواجه المرشد في عملية الإرشاد أنواعا مختلفة من العملاء من بينهم العميل السهل،وفي نفس الوقت يوجد ” العميل الصعب ” مثل: ” الفهلوي ” و ” أبو العرّيف ” المتواكل والخاضع والمستهتر والممثل والمنسحب واليائس والحزين والعدواني وكبش الفداء… وسيأتي تفصيل ذلك في الفصل العاشر عند الكلام عن العميل ومسئوليته في عملية الإرشاد.
يأتي إلى المرشد عملاء في أعمار مختلفة ولا بد أن يطوّع أساليب عملية الإرشاد لتناسب الطفل والشاب والشيخ والرجل والمرأة. ومع هؤلاء وغيرهم تختلف عملية الإرشاد فنيا وليس علميا.
* مفاهيم خاطئة عن التوجيه والإرشاد النفسي
هناك بعض المفاهيم الخاطئة عن التوجيه والإرشاد النفسي تحدد ما ليس توجيها وليس إرشادا نفسيا.
– مفاهيم صحيحة:
التوجيه والإرشاد النفسي خدمات أو عملية تقدم إلى العاديين وإلى أقرب المرضى إلى الصحة وأقرب المنحرفين إلى السواء
-مفاهيم خاطئة:
التوجيه والإرشاد النفسي خدمات أو عملية تُقدّم إلى المرضى وأصحاب المشكلات فحسب
– مفاهيم صحيحة:
الإرشاد النفسي ليس مرادفا للعلاج النفسي، ولكن يشترك معه في كثير من العناصر، والفرق بينهما في الدرجة وليس في النوع، وفرق في العميل وليس في العملية.
– مفاهيم خاطئة:
الإرشاد النفسي مرادف للعلاج النفسي
– مفاهيم صحيحة:
التوجيه والإرشاد النفسي ليس قاصرا على الحياة الانفعالية للعميل فحسب، ولكن يتناول جميع جوانب شخصيته ككل جسميا وعقليا واجتماعيا وانفعاليا.
– مفاهيم خاطئة:
التوجيه والإرشاد النفسي يقتصر على الحياة الانفعالية للعميل فحسب
– مفاهيم صحيحة:
التوجيه والإرشاد النفسي ليس قاصرا على المشكلات الشخصية فحسب، ولكن يمتد ليتناول جميع مجالات حياته ككل شخصيا وتربويا ومهنيا وأسريا وزواجيا
– مفاهيم خاطئة:
التوجيه والإرشاد النفسي يقتصر على المشكلات الشخصية للعميل فحسب
– مفاهيم صحيحة:
الإرشاد النفسي عملية يشجّع فيها المرشد عميله ويوقظ عنده الدافع والقدرة على أن يعمل شيئا لنفسه بنفسه
– مفاهيم خاطئة:
الإرشاد النفسي خدمة يعملها المرشد ويقدمها للعميل.
– مفاهيم صحيحة:
الإرشاد النفسي يتضمن مساعدة الفرد في أن يفهم نفسه ويحقق ذاته في ضوء فرص الحياة الواقعية المتاحة
– مفاهيم خاطئة:
الإرشاد النفسي يتضمن تقديم نصائح وخطط جاهزة للعميل
– مفاهيم صحيحة:
الإرشاد النفسي يجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من البرنامج العام للمؤسسة التي يقدم فيها مثل المدرسة
– مفاهيم خاطئة:
الإرشاد النفسي خدمات تُضاف إلى نشاط المؤسسة التي يُقدّم فيها ( مثل المدرسة ) .
– مفاهيم صحيحة:
الإرشاد النفسي خدمات أو عملية تُقدّم في أي مكان مناسب يضمن نجاحها سواء كان مركز إرشاد أو عيادة نفسية أو مدرسة…الخ
– مفاهيم خاطئة:
الإرشاد النفسي خدمات أو عملية لا بد أن تتمّ في مركز إرشاد أو في عيادة نفسية
– مفاهيم صحيحة:
الإرشاد النفسي تخصّص لا بد أن يقوم به الأخصائيون المؤهلون علميا وعمليا
– مفاهيم خاطئة:
الإرشاد النفسي يمكن أن يقوم به شبه الأخصائيين
– مفاهيم صحيحة:
الإرشاد النفسي خدمات يقدها فريق من الأخصائيين وعملية يقوم بها فريق من هؤلاء الأخصائيين مثل المرشد النفسي والمعالج النفسي والمدرس ـ المرشد والأخصائي الاجتماعي وغيرهم.
– مفاهيم خاطئة:
الإرشاد النفسي خدمات يقدمها أخصائي واحد أو عملية يقوم بها أخصائي واحد.                                                                                                                                                                          * المصدر                                                                                                                                                                                                                                     – موقع أطفال الخليج لذوي الاحتياجات الخاصة

عن admin

شاهد أيضاً

بعض الجهات تصدر بطاقة معاق .. ماهي؟ وما فائدتها؟

بعض الجهات الحكومية المختصة بخدمات المعاقين تصدر بطاقة بمسمى بطاقة معاق لكي تثبت حالة اعاقته …

اترك تعليقاً