تغيّر الإعاقة خبرة كل فرد من أفراد الأسرة . وتزود أسر الأطفال المعوقين الإخوة العاديين بفرص غير عادية للنضج . وعلى أية حال ، إن الحياة مع أخت أو أخ معوق بالنسبة لبعض الأشقاء قد تقود إلى مشكلات تكيفيه . ففي بعض الدراسات والكتب ذكر بعض الأخصائيين النفسيين من خلال خبرتهم بأنهم يعالجون أخوة الأطفال المعوقون أكثر مما يعالجون الأطفال المعوقين أنفسهم . * وهذه المشكلات التكيفية تتمثل في التالي :
1- المسئولية :
عادة ما يرتبط إدراك ومشاعر الأطفال المراهقين والراشدين حول أخوتهم المعوقين ووالديهم بمدى المسؤولية التي يحملونها . وعادة ما يؤدي تحمل الأطفال (وذلك من خلال الدراسات والبحوث) وبخاصة البنات مسؤولية الأخت أو الأخ المعوق ترتبط بتطور الغضب والاستياء والشعور بالذنب وربما الاضطراب النفسي لاحقا .
فوجود الطفل المعوق في الأسرة يستهلك الكثير من الوقت والمال والجهد والطاقة والموارد النفسية ، وقبل أن يكون الأطفال مستعدين ، فهم قد يدفعون إلى لعب دور الآباء وهو الدور الذي لا يستطيعون القيام به بسبب كونهم غير مؤهلين لذلك نفسيا .
وتحمل مثل هذه المسؤوليات قبل الأوان قد ينقل الطفل وبسرعة عبر مراحل النمو الضرورية للنمو السوي علاوة على حرمانه من العلاقات والخبرات . فملاحظات الوالدين غير المناسبة تعزز في بعض الأحيان الشعور بالذنب والخوف لدى الأطفال .
كما إن حجم الأسرة يرتبط بمدى شعور الإخوة بالمسؤولية . حيث بينت الدراسات والبحوث أن الأخوة الذين ينتمون إلى أسر عددها قليل أكثر تعرضا للضغوط من الطلبة الذين ينتمون إلى أسر لديها عدة أبناء .
كما يلعب جنس الإخوان أو الأخوات دورا في ما يطلبه الآباء من أشقاء الطفل المعوق .
فعلى الرغم من إن الإخوان يساعدون في العناية بالأخ المعوق أو الأخت المعوقة إلا إن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق الأخوات .
كما إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي يرتبط بحجم المسؤولية التي قد يتحملها الإخوة الطبيعيون على صعيد رعاية الأخت المعوقة أو الأخ المعوق . فكلما كان الوضع الاقتصادي للأسرة أفضل ، كانت قدرتها على توفير المساعدة اللازمة من خارج الأسرة اكبر . أما الأسر ذات الوضع الاقتصادي المتدني فعليها أن تعتمد على الموارد المتوفرة داخل نطاق الأسرة .
وتشير الدراسات إلى إن تحميل الإخوة عبء العناية بالأطفال المعوقين وذوي الأمراض المزمنة إنما أمر شائع ، ويلاحظ أن أعراض الامتعاض الشديد يمكن ملاحظتها من خلال العناية التي يتم تقديمها دون لطف وعلى عجل .
وقد يعاني الإخوة أيضا من الطموحات المفرطة لدى الآباء للتعويض عن خيبة أملهم وإحباطهم بسبب الطفل المعوق . فقد تقع مسؤولية التحصيل الاستثنائي على عاتق الإخوة العاديين ، والذين قد يكون بعضهم غير قادر على الانجاز معرفيا أو نفسيا وفقا لتوقعات الوالدين .
وفي الحالات التي يحتاج فيها الأخ أو الأخت إلى عناية طوال العمر ، أو يتطلب الإشراف المستمر ، فإن الأخوات والإخوان ينظرون بقلق إلى المستقبل . فهم يتساءلون عما إذا كانت المسؤوليات الملقاة على عاتق والديهم حاليا ستصبح مسؤوليتهم في المستقبل .
وهم يتساءلون أيضا عما إذا كان بمقدورهم التعايش مع القرارات التي يجب اتخاذها في المستقبل علاوة على التخوف من عدم القدرة على تدبر أمور رعاية الأخ المعوق من النواحي الجسمية أو النفسية أو المالية .
2- التخوف :
قد يتخوف الأطفال الصغار من أن تنتقل الإعاقة إليهم . وتزايد قلقهم حيال هذا الأمر عندما يعلم الأخوة أن إعاقة أختهم أو أخيهم نتجت عن مرض مثل الحصبة أو التهاب السحايا أو غيرها . وقد يخاف أخوة الأطفال المعاقين سمعيا أو بصريا من إن يصبحوا معوقين في المستقبل . وكما لوحظ من خلال الدراسات والبحوث أن الأطفال عندما يدخلون إلى مرحلة المراهقة يخافون من أن يصبحوا أباء لأطفال معوقين .
كما قد يتخوف الإخوة والأخوات من نظرة المجتمع إليهم وإلى أخيهم ، وقد يشعرون بالحرج الاجتماعي ويجدون صعوبة في التوافق مع الناس ويبتعدون عن الأصدقاء فلا يزورون ولا يزارون ، وقد يخافون من إقبال الناس على الزواج منهم .
3- الغضب والشعور بالذنب :
قد يشعر إخوة الأطفال المعوقين بمستويات شديدة من الغضب . فقد يشعرون بالغضب من أخوهم المعاق ، أو من الوالدين ، ومن العالم ، فيلقي بعضهم اللوم على الأم أو الأب بسبب حدوث الإعاقة . وقد يشعرون بالحقد والغيرة لاهتمام والديهما الخاص بأخوهم المعاق .
كما قد تدفع ردود أفعال الغرباء والجيران والأقارب والأصدقاء لحالة الإعاقة إلى تولد سلوك عدواني لدى إخوة الطفل المعاق .
كما إن الشعور بالإهمال وبعدم الحصول على التقدير للإنجازات يترك أثرا طويل المدى على الإخوة . كما إن حرمان الإخوة العاديين من الذهاب إلى الأماكن العامة والحدائق والزيارات وغيرها من الأمور الترفيهية بسبب الوالدين خوفا على طفلهما حرصا على مشاعره أو خوفا من الحرج الاجتماعي يزيد من الشعور بالغضب والحقد على الطفل المعاق ، لأنه في نظر إخوته سببا لمنعهم من تمتعهم وترفيههم في الأماكن العامة .
4- التواصل :
إن عدم التواصل داخل الأسرة حول إعاقة الطفل وأسبابها ومستوى شدتها ، وما ستؤول إليه الأمور في المستقبل ، واحتمال انتقال هذه الإعاقة لهم قد يسهم في الشعور بالوحدة . فيحس هؤلاء الإخوة أن بعض الموضوعات محرمة وأن المشاعر السلبية يجب دفنها مما يؤدي ألي تولد الشعور بالوحدة والانفصال عن الأشخاص الذين تربطه بها علاقة قوية .
5- اتجاهات الآباء :
هناك بعض الأدلة على إن الإخوة العاديين يتأثرون باتجاهات آبائهم نحو الطفل المعوق .
فالآباء يعتبرون نموذجا يحتذى به بالنسبة لأطفالهم . فطريقة استجابة الآباء للطفل المعوق تؤثر على ردود أفعال الإخوة . فالآباء الذين لديهم قبول عام لطفلهم يقدمون استجابات واتجاهات تمكن الإخوة من الاستجابة بطريقة مماثلة للأخت أو الأخ المعوق ،والعكس صحيح .
* ووجد الباحثون أن هناك عوامل لتأزم إخوة المعاق وهي :
1- التقارب في السن بين الطفل المعاق وأخيه العادي .
2- عندما يكون الأخ من نفس جنس الطفل المعاق .
3- عندما تكون الأخت أكبر من أخيها المعاق ، ويطلب منها رعاية أخيها المعاق أو أختها المعاقة .
* ومن هنا تتضح أهمية الإرشاد النفسي لأخوة المعاقين ، خاصة وإنهم سوف يكونون مسئولين عن رعاية أخيهم أو أختهم في المستقبل ومتابعته بعد وفاة والديهم وتتلخص هذه الأهداف الإرشادية النفسية في التالي :
1- إعطاء معلومات للإخوة عن إعاقة أخيهم أو أختهم وأسبابها .
2- تبصيرهم بخصائص أخيهم أو أختهم ومطالب نموه في كل مرحلة من مراحل حياته .
3- تخفيف مشاعر القلق والتوتر والغضب المرتبطة بإعاقة أخيهم .
4- تبصيرهم بأهمية تعليم وتدريب وتأهيل أخيهم في الطفولة والمراهقة ، وأهمية تشغيله وقضاء أوقات الفراغ في الترويح عن النفس .
5- تدريبهم على معاملته معاملة حسنة تنمي شخصيته وتكسبه مهارات الاعتماد على النفس .
6- تكوين اتجاهات ايجابية عندهم نحو أخيهم ، وزيادة تقبلهم له من باب ليس على المريض حرج .
* المصدر
– إرشاد أسر الأطفال ذوي الحاجات الخاصة قراءات حديثة ،جمال الخطيب ومنى الحديدي وعبد العزيز السرطاوي .
– مرجع في علم التخلف العقلي ، كمال إبراهيم مرسي – المنتدى السعودي للتربية الخاصة
شاهد أيضاً
بعض الجهات تصدر بطاقة معاق .. ماهي؟ وما فائدتها؟
بعض الجهات الحكومية المختصة بخدمات المعاقين تصدر بطاقة بمسمى بطاقة معاق لكي تثبت حالة اعاقته …