قد يستغرب العديد هذا العنوان . فيقول البعض منكم نحن عهدنا بوجود مشاكل للأسر مع أطفالهم الذين يعانون من قصور وعجز . أما الأطفال الموهوبين فلا يمثلون أية مشاكل للأسرة وهذا اعتقاد خاطئ فلكل طفل احتياجات خاصة به سواء كان الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أو طفل عادي . وتختلف هذه الحاجة من طفل إلى آخر.
إن الادعاء بان الأطفال الموهوبين عادة يشكلون مشكلة لأسرهم إنما هو إساءة تفسير نتائج البحوث حول الأطفال الموهوبين . فذلك ببساطة ليس صحيحا . وعلى أية حال فإن الإدعاء بالعكس وهو بأن الأطفال الموهوبين لا يشكلون تحديات ومشكلات أسرية لأسرهم ليس صحيح أيضا .
فمن المعروف أن وجود الطفل الموهوب قد يخلق مشكلات خاصة للأسرة . ويلاحظ بعض الباحثين إن سلوك الآباء في تنشئة أطفالهم يعتمد عادة على نموذج الطفل “العادي ” فعندما لا يسلك الطفل طبقا للتوقعات من الطفل ” العادي ” فإن الوالدين غالبا ما يواجهان أوقات عصيبة في التعايش مع الطفل . فعلى سبيل المثال ، قد يخشى الوالدين إن طفلهما بسبب كونه مختلفا قد يصبح غير متكيف اجتماعيا في المستقبل .
كذلك فإن الطفل الموهوب قد يُشعر الوالدين بعدم الكفاية . وذلك قد يحدث من خلال شعور الوالدين بأنهما غير مستعدين لتقديم الدعم الاجتماعي للطفل ” المختلف ” ، أو هما قد يشعران بعدم المقدرة على توفير المصادر التربوية أو الإثارة المعرفية اللازمة لمساعدة الطفل الموهوب على تطوير وتنمية قدراته الفريدة . وفي بعض الأوقات ، يشعر الآباء بان قدرات طفلهم الموهوب وخصائصه المميزة تشكل تهديدا لهم ، الأمر الذي قد يجعل من الأسهل عليهم تجاهل أو رفض فردية الطفل .
ووجد بعض الباحثين أيضا أن الآباء قد ينظرون إلى الطفل الذكي على انه خطوة إلى الأعلى من حيث المستوى الاقتصادي والاجتماعي وذلك يصبح مشكلة فقط عندما يكون لدى الآباء توقعات تتصف بالمغالاة من تحصيل ابنهم . ويعتقد بعض الباحثين أن الفرق بين القدرة العقلية للطفل الموهوب والأفراد الآخرين في الأسرة سوف يحدد المشكلات لأولئك الأطفال ولآبائهم . علاوة على ذلك ، فإن ” التباين ما بين النمو العقلي والنمو الاجتماعي – الانفعالي للطفل الموهوب غالبا ما يولد ضغطا على الطفل ووالديه على حد سواء ” . ولقد أشار بعض الباحثين أيضا أن الوضع الخاص للطفل الموهوب يُحدث فوضى في العلاقات بين الإخوة . ومن المشكلات الشائعة التي تواجهها أسر الأطفال الموهوبين كيفية تزويد الطفل الموهوب بالاهتمام الخاص دون التسبب في الامتعاض والغيرة والحقد لدى الإخوة . وكيفية وقاية الأخ الأكبر ” العادي ” من الشعور بالإحباط والدونية إذا كان له أخ أصغر موهوب مستوى تحصيله أعلى من مستوى تحصيل الأخ الأكبر سنا ، وكيفية إيلاء نفس القدر من الاهتمام بجميع أفراد الأسرة في المواقف الروتينية كما هو الحال عند الجلوس حول مائدة الطعام .
وثمة مشكلة أخرى يواجهها الآباء وهي أنهم لا يتواصلون دائما مع بعضهم البعض حول توقعاتهم من أطفالهم الموهوبين . فعلى سبيل المثال قد يركز أحد الوالدين على الأعمال المدرسية ويركز الأخر على الانجاز . في هذه الأوضاع ، قد يطور الطفل أسلوب ” فرق تسد ” لعمل ما يريد ، غن هذا الوضع قد دفع بإحدى الباحثات إلى استنتاج أن آباء الأطفال الموهوبين غالبا ما ينظرون إلى أبنائهم بوصفهم أكثر إشكالا من الأطفال الآخرين .
* المصدر
– إرشاد أسر الأطفال ذوي الحاجات الخاصة قراءات حديثة ،جمال الخطيب ومنى الحديدي وعبد العزيز السرطاوي .
– المنتدى السعودي للتربية الخاصة .