هناك عدد من الأساليب و الطرق التي نستطيع من خلالها ضبط سلوك المضطربين ، ويتبع كل منها اتجاها أو نظرية معينة ، و تستخدم خطوات علاجية خاصة بها حسب تفسير هذا الاتجاه لظاهرة الاضطراب السلوكي و الانفعالي ، مثل العلاج بالعقاقير أو العلاج بالتغيير نمط التغذية و نوعها أو العلاج السلوكي . و من أهم هذه الاتجاهات ما يلي :
1- الاتجاه السلوكي : ينظر أصحاب هذا الاتجاه إلى السلوك المنحرف أو الشاذ بأنه سلوك متعلم ، و حيث إن السلوك المنحرف متعلما ذلا يجب فحص بيئة الطفل عن كثب فالعوامل البيئية ليست فقط تثير الاستجابات و لكنها تحافظ على استمرارية هذه الاستجابات عن طريق تعزيزها . إن الأطفال غالبا ما يتعلمون سلوكا غير مرغوب فيه و ذلك بسبب إن الوالدين أو المعلمين يعززون مثل هذا السلوك ، أو إن الأطفال يفشلون في تطوير سلوكيات مناسبة لأعمالهم بسبب إن هذه السلوكيات قد عززت .
و يستخدم الاتجاه السلوكي استراتجيات تعديل السلوك لتعديل السلوكيات غير المرغوب فيها أو إكساب الأفراد سلوكيات مرغوب فيها . أما خطرات تعديل السلوك فهي :
أ- تحديد السلوك المستهدف .
ب- تعريف السلوك المراد تعديله إجرائيا .
ج- قياس السلوك المستهدف .
د- تحديد السلوك المستهدف .
هـ- تصميم برامج تعديل السلوك .
و- تنفيذ البرنامج .
ي- تقييم فعالية البرنامج .
ومن أهم إستراتيجيات تعديل السلوك التي تعمل على تقوية السلوك التكيفي والمحافظة على استمراريته ما يلي :
1- التعزيز : ما ينص عليه مبدأ التعزيز هو أن الإنسان يميل إلى تكرار السلوك الذي يعود عليه بنتائج إيجابية أو يخلصه من التعرض لنتائج سلبية ، وعليه فأن هناك نوعين من التعزيز هما :
أ- التعزيز الايجابي : وهو إضافة مثير إيجابي بعد حدوث السلوك المرغوب مباشرة مما يؤدي إلى زيادة احتمال حدوث السلوك في المستقبل في المواقف المماثلة ، وهذا النوع من التعزيز من أكثر أساليب تعديل السلوك استخداما . ومن أشكال المعززات الايجابية المعززات الغذائية والمادية والرمزية والنشاط الاجتماعي .
ب- التعزيز السلبي : وهو الذي يعمل على إزالة أو إيقاف المثيرات السلبية المنفرة ويسمى هذا النوع من التعزيز بالسلبي لأنه يزيل ولا يضيف المثير . ومن الأمثلة على التعزيز السلبي أو لبس معطف في يوم بارد .
2- التشكيل : وهو تعزيز الاستجابات التي تقترب تدريجيا من السلوك النهائي المراد الوصول إليه .
3- النمذجة : وهي تشتمل على قيام المعلم أو شخص آخر (النموذج) بتعليم الطفل كيف يعمل شيئا ما ، ومن ثم الطلب منه أن يقلد ما شاهده ولتحقيق ذلك يحتاج الطفل إلى التشجيع والانتباه والتعزيز .
4- التعليم المبرمج : ويشتمل على تنظيم المادة التعليمية على هيئة وحدات صغيرة ومتسلسلة منطقيا ، وتتضمن كل وحدة معلومات محددة وتتطلب استجابات معينة من التعلم وتوفر تغذية مناسبة حول صحة الاستجابات التي تصدر عن المتعلم .
5- برامج الاقتصاد الرمزي : تستخدم بهدف إحداث تغييرات سريعة في سلوك الأطفال المضطربين وذلك من خلال زيادة دافعيتهم وزيادة احتمالات قيامهم بالسلوك المناسب ، وتتضمن برامج الاقتصاد الرمزي العناصر الرئيسية التالية :
أ- تزويد الأطفال بمعلومات توضح لهم الاستجابات التي ستؤدي إلى التعزيز .
ب- قواعد واضحة تبين كيفية استبدال المعززات الرمزية بالنشاطات أو الأشياء المعززة (المعززات الداعمة ) .
6- التسلسل : والذي يقوم على مبدأ تحليل المهمة وذلك من خلال تجزئة المهمة المطلوبة من التلميذ أداؤها إلى عدد من الخطوات ومن ثم الشروع في تدريبه إيها خطوة خطوة إلى أن تكتمل المهمة .
7- التعاقد السلوكي : يعتبر من الأدوات الفعالة لتنظيم الاستجابات الأكاديمية والاجتماعية لدى الأطفال المضطربين سلوكيا وانفعاليا . ويشمل هذا الأسلوب تحديد السلوك المتوقع من الطفل ، وإيضاح المكافآت التي سيحصل عليها بعد تأديته لذلك السلوك ، ويتم تحديد المهمة السلوكية والمعزز في عقد مكتوب وموقع بين الطرفين المعلم والطفل .
* استراتيجيات خفض السلوك غير التكيفي :
1- العقاب : وهو الإجراء الذي تؤدي فيه توابع السلوك إلى تقليل احتمالات حدوث ه في المستقبل في المواقف المماثلة ، ويأخذ ذلك أحد الشكلين التاليين :
أ- إضافة مثيرات سلبية أو منفرة .
ب- إزالة مثيرات إيجابية أو تعزيزيه .
ولما كانت سلبيات العقاب كثيرة فإن المبدأ الأساسي في تعديل السلوك هو الإكثار من الثواب والتقليل من العقاب ومن أهم أشكال العقاب العزل ، وثمن الاستجابة والتصحيح الزائد .
أ- العزل : ويعتبر أحد الإجراءات الفعالة لتقليل السلوكيات غير المرغوب فيها ، وهو شكل من أشكال الإجراء المسمى الإقصاء عن التعزيز الايجابي . ويعرف العزل على أنه نقل الطفل من البيئة المعززة إلى البيئة غير معززة تسمى غرفة العزل لا يتوفر فيها التعزيز لفترة زمنية محددة ، ومن ثم إعادته إلى فصله أو مكان نشاطه المعتاد . وهناك شكل أخر من العزل وهو أن يعزل الطفل جانبا ليراقب الأطفال الآخرين ، وهذا هو الشكل المفضل تربويا .
ب- تكلفة الاستجابة : وتشير إلى أن قيام الشخص بالسلوك غير المرغوب فيه سيكلفه شيئا ما ، وذلك الشيء هو فقدان جزء من المعززات التي في حوزته .
ت- التصحيح الزائد : يستند إلى عبارة أن على الإنسان الذي يسيء التصرف أن يتحمل نتائج سلوكه ، وهذا الإجراء يشتمل على إرغام الشخص أن يعيد الوضع إلى حال أفضل من الذي كان علية من قبل القيام بالسلوك المناسب ، أو أن يتم إرغام الشخص في حالة قيامه بالسلوك غير المقبول على تأدية سلوك بديل له لفترة زمنية محددة .
2- الاتجاه البيئي :
إن الاضطراب حسب وجهة نظر الاتجاه البيئي لا يوجد داخل الأفراد أنفسهم وإنما يؤكدون أن مشكلة الأطفال المضطربين انفعاليا وسلوكيا تتفاعل مع عنصر البيئة المختلفة المحيطة به مثل ( المدرسة ،العائلة ،المجتمع والإطار الاجتماعي السائد في المجتمع ) وفي هذا الاتجاه يعتقدون أن الطفل المضطرب إنما هو عرض وليس السبب في حدوث الاضطراب حيث أن الإضطربات تكون نتيجة لعدد متنوع من الظروف منها :
أ- الأوضاع داخل غرفة الصف . حيث إن وجود التنافس الشديد بين الطلاب وعدم ملائمة المناهج والمتطلبات الأكاديمية وأسلوب المعلم التسيبي أو التسلطي و الإثارة العالية أو المتدنية في البيئة التعليمية تسبب في حدوث المشكلات الانفعالية والسلوكية داخل النظام الصفي .
ب- الانفكاك بين البيئات : ويقصد بذلك إن هناك مشاكل كثيرة يواجهها الأطفال الذين يطلب منهم التكيف مع بيئات تختلف جذريا مع بعضها ففي كثير من الأحيان يكون هناك تعارضا كبيرا بين متطلبات البيت والمدرسة أو بين معلم وآخر وهذه الصراعات قد تفرز أفرادا لا يستطيعون التعامل معها وبالتالي حدوث الاضطراب الانفعالي والسلوكي لهم .
3- الاتجاه الإنساني :
وتكمن المشكلة الرئيسية كما يراها هذا الاتجاه هي أن الأطفال المضطربين انفعاليا وسلوكيا لا يمكنهم الإحساس بمشاعرهم الخاصة ولا يجدوا معنى أو رضا ذاتيا من الظروف التربوية التقليدية ، ولذلك يركز هذا الاتجاه فيما يتعلق بالتدخلات العلاجية على توفير جو يتسم بالتقبل والتسامح وإن فهم الطفل لنفسه يزداد إذا أعطي حرية التعبير عن ذاته ، وذلك لمواجهة مشكلاته وحل الصراعات التي يعاني منها . ويرى القائمون على هذا الاتجاه ومن بينهم روجرز وغيره أن مسؤولية العلاج يجب أن تقوم به هيئات خاصة أو مراكز علاجية معينة وأن المدرسة بنظمها لا تصلح أن تكون مكانا للعلاج . إلا أنه يتطلب من المدرسين مراعاة أمور معينة لكي يساعدوا المراكز العلاجية في عملها ومنها :
– يجب أن يتناسب العمل مع قدرة الطفل حتى يشعر بالنجاح .
– النشاط المخطط للطفل يجب أن يكون وفق ميوله وقدراته .
– يجب أن يكيف المنهاج بما يتلاءم مع الطفل .
– أن تتميز العلاقة بين المدرس والطفل بالثقة والحب .
– توفير الظروف المناسبة لتشجيع الطفل على الاشتراك في النشاط الجماعي .
ويمكن ملاحظة أن هذه التوجيهات لا تهدف إلى علاج الطفل بقدر ما تهدف إلى تطوير الجو المدرسي بصفة عامة والبعد عن النظام التقليدي .
4- الإستراتيجية النفسية الدينامية :
يشير أصحاب هذه الإستراتيجية أن مشكلة الاضطراب الانفعالي السلوكي يكمن في عدم التوازن في الأجزاء الدينامية في الدماغ ، وكذلك في مكونات الشخصية (الهو ، والأنا ، الأنا الأعلى) ولذلك يركز هذا الاتجاه على تعليم الطفل وتزويده بالمهارات اللازمة لكي يساعد نفسه ويدرك حاجاته الخاصة ورغباته ومخاوفه .
وفي هذه النظرية المعلم هو المعالج الذي يتعامل مع الاضطراب وذلك لأنه يركز على الفرد نفسه ومنهاجه وخبرات النجاح لديه ، لذلك يجب العمل على زيادة مستوى الانتباه لدى الفرد والعمل على التركيز على المشاعر الحالية وليس على الماضي .
* المصدر
– كتاب مقدمة في التربية الخاصة ، د.تيسير مفلح كوافحة ، أ. عمر فواز عبد العزيز .